أحلام بلا جذور - أحلام بلا جذور - أحلام بلا جذور - أحلام بلا جذور - أحلام بلا جذور
الدكتور راجح السباتين
أحلامٌ بلا جذور
فِقهُ التواضع ما أحوجنا إلى فقه التواضع! وجماليّات التواضع ما أحلاها جماليّات التواضع! هي ذاتها الأبجديات التي تكوّنتْ من مجموعها مفردات حياة الإنسان الأول أبينا آدم وأمَّنا حواء اللذين تواضعا في اللباس والمأكل والمشرب والمسكن وعاشا معاً دهوراً طويلةً وكانا أوّلَ معلّمَيْن الأوائل لنا بالرُّغم من بدائيّة كل ما حولهما في بداية النسل البشريّ على كوكب الأرض.
أيُّها العربيّ المتطاولُ في زمن التردّي، والمتعملق في غير زمن العملقة، قل لي من أنت؟ وماذا تريد؟ أتريدُ التطاول وقومُكَ يعشقون الانحدار؟ أم أنّك تريد الارتقاء وقومُك قد اصطلحوا على أن يكونوا في الدّركِ الأسفل من وجوه الحضارة الماثلة؟
هذا حديثي حديثُ الحسرة أبثُّه للمكتوفين في زمن الانفلات، المُنبعثين بأفكارهم وحرّيتهم خلفَ آفاق القهر وجدران الظلام وزمان الصمت الجاثم على صدورنا ليلَ نهار، جبلاً ثقيلاً لا يقبل الزحزحَة عن يمينٍ أو يسارٍ، فمن زحزحة فقد فاز فوزاً عظيماً، لا لشيءٍ إلا لأنه استردَّ من حريّته شيئاً ولو كان قليلاً.
ما أجملَ أن يستردَّ الإنسانُ شيئاً كان منه مسلوباً، كم يشعرُ حينها بأهمّيَته! ولكم هي عظيمةٌ هذه الأهمية! فهي تحمل في طيّاتها بواكير حكاية انتصارٍ نادرٍ في أعقاب هذه الهزائم الكُبرى المتواترة علينا منذ أمدٍ بعيد. هزائمنا حديثُ الأقوام الآخرين، حديثُ السادة الكبار الذين سلبونا كلَّ حروف الثقة والنَّصر مُذْ كُنّا أجنّةً نسبح في بطون أمّهاتنا. هزائمنا تبدأ من الداخل من صدورنا من ذاك القلب المتواري خلف سورٍ من أضلاع الصدأ. قلبٌ بلا جذورٍ، وإرادةٌ بلا جذورٍ ووجودٌ بلا جذورٍ! ماذا يمكن أن نتوقّع بعدَ كلّ ذلك؟ وبماذا يمكن أن نحلم بُعيدَ ذلك؟ ستكون من دون شكٍّ، أحلاماً بلا جذور!!.