في زماننا هذا عندما يتحدث الرويبضة فعلى الجميع الاستماع، لأن الرويبضة في الغالب هو شخص صاحب جاه أو نفوذ أو مال أو خليط من هذا وذاك، والناس في هذا الزمان ألفوا لغة التملق وأصبح النفاق هو ملح حياتهم، فهم من جهة يغدقون عبارات الاطراء والمديح لهذا الرويبضة في العلن لدرجة التأليه في بعض الأحيان، وفي جلساتهم المغلقة يلعنونه ويصفونه باقذع الصفات، والسبب في وجود هذا التناقض والتباين في المواقف أن هؤلاء القوم الذين يمثلون الغالبية في مجتمعاتنا لا يتقون الله فيما يقولون ويفعلون...واليكم هذه القصة الطريفة التي حدثت معي في أحد أيام العيد:
ذهبت مع اخوتي لزيارة بعض الأقارب من باب صلة الرحم، فاجتمعنا عند أحد هؤلاء الأقارب نحن ومجموعة من أقاربنا الآخرين، وبدأت أحاديث العيد التي لا تخلو من الغيبة والنميمة والعتاب وشرب القهوة وأكل الكعك والمعمول، لكن الذي استوقفني فعلا ذلك الشاب الذي تصدر المجلس والكل له مستمع، فتارة تراه يتحدث عن أمور طبية وتارة يتحدث عن أمور الفضاء ومرة أخرى يتحدث في السياسة لدرجة أنك تعتقد أنه مستشار أمني في البنتاجون، طبعا الكثير مما ذكره كان يفتقر الى الصحة ولكنني لم أر أحدا من الموجودين قام بالتعليق أو التصحيح له وكنت حينها صغير السن، وبينما هذا الأخ غارق في استعراض عضلاته على جمع ضم لفيف من أصحاب الشهادات الجامعية وأصحاب المراكز المهنية المرموقة، سألت أخي الذي بجانبي قائلا: من هذا الشاب الذي لم يعط فرصة لأي أحد بالحديث؟ فقال لي مستغربا: ألا تعرفه؟ فقلت له لا، فقال لي: انه فلان المقيم في السعودية (في تلك الأيام)، فقلت له: وماذا يعمل في السعودية؟ فقال لي انه صاحب مهنة، فقلت: وما الذي جعله يتصدر المجلس، قال لي: انه يظن بأنه بالقليل من المال الذي يملكه انه أفضل من الجميع، فقلت: ولماذا القوم عنه ساكتون: فقال: لأنهم يخشون سلاطة لسانه، فقلت: ولماذا لم توقفه أنت وأنت المعروف بجرأتك؟ فقال لي: ليس من اللائق أن أكون "بوز مدفع" وهناك من هو أكبر مني سنا، وما هي الا دقائق حتى غادر الجميع المكان وهم يقولون: سنعمل جاهدين بعدم الالتقاء بهذا الثرثار التافه الذي صدع رؤوسنا مرة أخرى ولكن المضحك بالأمر أنهم وقبل صعود هذا الشخص لسيارته "الشبح" أخذ الجميع يتسابق على أخذ كرته الشخصي من باب لعل وعسى ومن يدري!!!!!!؟؟؟؟؟؟