مخيــــــــــــــــــــــم ..... بقلم البعد الثالث
مخيــــــــــــــــــــــم ..... بقلم البعد الثالث - مخيــــــــــــــــــــــم ..... بقلم البعد الثالث - مخيــــــــــــــــــــــم ..... بقلم البعد الثالث - مخيــــــــــــــــــــــم ..... بقلم البعد الثالث - مخيــــــــــــــــــــــم ..... بقلم البعد الثالث
أمشي على غير هدى و يتبعني كانون ..أعبر أروقة و ممرات ( زِقَاقْ ).أكاد أَلُفُّ جسدي حتى أتمكن من المرور من هذا الشق الذي يربط بين شارعين في المخيم..تضيق عليّ الجدران حيناً ..حتى احسبها قبرا .. و تنفرج أحيانا أخرى حتى تسمح لذلك اللاجئ بأن يضع بسطته في إحدى الزوايا....تتسابق الرياح أحيانا لتعزف مقطوعتها مستعينة بألواح (الزينكو) .. صوت لطالما أصبح من هويّة المكان ... و قطرات المطر المنهمرة عليه تزيد المقطوعة ألما ... هناك ثقبٌ.. أثنين .. ثلاث.. عفواً هو غربال يجعل من مقطوعة الموت تلك تُكمل لحنها.. و صرير أسنان الجوعى تمضُغ برداً .. خوفا ..لكنها تُكمل عزف المقطوعة.
* * * *
هناك عمود عليه اعتداء كاد غبار الزمان أن يمحيه .. لكنه مهما تعاقبت عليه السنون ... ما زال محفور في الذاكرة..تشابكت الأسلاك فوقه و اختلطت بخيوط الأطباق ( الطائرات الورقية )..تُنبِّئُ القادم إليها بتعقيد خيوط قضيتها.
* * * *
أمضي و أقتحم السوق ... هنالك اختلط الحابل بالنابل .. فهذا يجمع قوت اليوم.. و هذا يبيع ما تيسر تأمينه من الحسبة... و هذه تجهّز عروسا .. و ذلك يخوض غمار السوق ليصل مدرسة الوكالة القابعة خلف السوق.. و هذا يعيد بضاعة شراها بالأمس.. وهذا ... و هذا و و هذه.. و ذاك...
و تتعاقب الفصول .. و تزيد من عمر المخيم سنة أخرى...و تكبر نكبتنا.. و لكنها لا تهرم ..! هل هذه الزيادة تناقصٌ في عمر العودة..أم زيادة إلى اللامعلوم...
أم العبد تجلس بباب بيتها .. تلتقط أوراق الملوخية ..
- السلام عليكم أم العبد ..
- و عليتشم السلام يا ابنيي..
- كيف حالك ..؟
- الحمد لله .. الله يرضى عليك.... سَلّم عامك
- الله يسلمك يا حجة.
و ما زِلْتُ على نفس الخُطى أمضي في دهليز لا يَفِكُ طلاسمه إلا من شَهِد بناءه.. فالطرقات تضيق حينا و تنفرج أحيانا أخرى... عيني ترصد تاريخا.. ترصد شواهد حية تروي بلغة الصمت قصة مجد .... أتتبع خرائط و كتب بشرية ترويها وجوه السكان .. تجد لو أتْقَنْتَ قراءتها تاريخ القرن العشرين .. منقوش على جدرانها و أبوابها.. حتى على عربة يجرها عائد يقتات منها.. (ليساعد والده المقعد و يُؤَمِّن مع بقية أخوته قسط الجامعة لأخته الكبرى) ... مقطع من قصة هجرة.
ترتفع الشمس قليلا ... فتجد الحرائر و كأنهن ينفُضنَ عن سقف المخيم غبار السفر ألقسري المتراكم منذ ثلاثةٍ و ستين عاما .. و يُخرِجن ما في بيوتهن من الفراش و الأغطية لتعانق وجه الشمس.. فترسم لوحة.
و أنا أنساب في حَوَاري المخيم يعانق أنفي عبق التاريخ.. الممزوج بسحر ما صنعت أيدي الأُمهات و الجدّات... و المخلوط بما تشتهي نفسك من البهارات ... حيث يحاولن أن يُعدْنَ للخضروات طعمها الأصيل الذي بقي متشبث بالأرض و أبى أن يهجرها.
هذا عُرس محمد... كل المخيم مدعوٌ كالعادة ... من غير "كروت".. و لا رسميات ..! فالحارة عائلة كُبرى في عُرف المخيم ... محمد أنهى حمّامَهُ في الحارة الأخرى ... كل الجيران و الأصحاب و الأهل يزفّون محمد و تتبعه أُمه و نساء الحارة.. هنا من يربط طرف الصيوان في سقف بيته .. و هذا يوصل الكهرباء من بيته .. و ذلك يقدم قهوة ...
تمرُّ الزفة في الحارة ... أم سامي, أم ياسر وأم كايد و ....الخ, ينثُرنَ " الملبّس" على الزفة.. يا هل ترى كم أم للعريس محمد.. ؟!!
تنتهي جولتي ... و لم تنتهي حكايا المخيم
ألا ترى يا صاحبي.... بأن ما يعنيه المخيم من معاناة و ألم و أحزان و أفراح ما هو الا ............!
صدقا عندما كنت انهم ويركبني الحزن كنت ازور مخيم الوحدات واتجول في ازقته فانسى همي وغمي !!!!!!
المخيم حاك حكايات من الامل والابداع في ظل امكانات معدومة وشحيحة ،
شكرا لقلمك ايها البعد الثالث على ما خطه من ابداع وتناسق جميل