الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ...
وصف الله المسجد الأقصى بأنه : (... الذي باركنا حوله ..(..
وتدل هذه الجملة على استقرار البركة الربانية في المسجد الأقصى ، وفي ما حوله ...
والبركة لم تذكر في القرآن إلا في سياق الحديث عن المسجد الأقصى وما حوله ..
والبركة هي : استقرار الخير في الشيء ، وعدم خروج الخير منه ..
وهذه الجملة شهادة صادقة من الله في أن المسجد الأقصى مبارك ، وما حوله مبارك ..
وفعل : ( باركنا ) مطلق ،غير مقيد بنوع خاص من أنواع البركة ..فهذه البركة في الأقصى عامة .. شاملة لكل أنواع البركة ، ومظاهرها وألوانها ..
هي بركة في الجو والطقس والمناخ والأمطار والرياح .. والمنطقة أجمل منطقة مباركة في جوها ، في العام كله ...
وهي مباركة في مزروعاتها وأشجارها .. وفي ثمارها وطعامها ...
وهي مباركة في تاريخها الماضي والحاضر والمستقبل .. لأنها أرض إيمان وإسلام .. استقر فيها الإيمان ، منذ إبراهيم عليه السلام ،وعاش فيها معظم الأنبياء .. وأنزلت فيها معظم الكتب على الرسل ..
وهي مباركة لأنها أسخن نقطة في العالم دائما ..الصراع بين الحق والباطل فيها لم يتوقف عبر التاريخ ، ولن يتوقف ..
وهي مباركة لأنها أرض الجهاد والرباط .. والتحدي والمواجهة .. والحسم والقضاء .
عليها يهزم الباطل .. وعليها ينتصر الحق وأهله .. ( حوله ) .. ما المراد بها ..وما حدودها .. وما دلالتها ...
حول: ظرف مكان منصوب لأنه مضاف .. والهاء فيه مضاف إليه .. وتعود الهاء على الأقصى .. والتقدير : باركنا حول المسجد الأقصى !!...
وهذا الظرف ( حوله) يوحي بدوائر متتابعة تبدأ من المسجد الأقصى .. وكلما تباعدت الدوائر عنه زادت اتساعا ...
وتبقى هذه الدوائر تتسع حتى تصل مداها ...
هذه الدوائر تشمل كل الأرض المباركة المقدسة الواقعة بين النهرين الإسلاميين : نهر الفرات في الشمال .. ونهر النيل في الجنوب !!..
هذه الأرض بين الفرات والنيل هي المرادة بهذا الظرف (حوله ) ..
هذه الأرض هي ( أكناف بيت المقدس ) المذكورة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم..وهي مقر الطائفة المجاهدة الصابرة الثابتة المنصورة
وتدل الدوائر المتتابعة المنطلقة من المسجد الأقصى على أن الأقصى العظيم المبارك هو قلب الأرض بين الفرات والنيل ..
المسجد الأقصى هو قلب هذه الأرض .. وروحها .. ونبضها .. وأنفاسها ..وهو أغلى وأنفس وأفضل نقطة فيها...
وهذه الأرض حول الأقصى هي أرض الرباط والجهاد ..والمواجهة والتحدي ..
هنيئا لمن أكرمه الله بالمرابطة والمجاهدة في الدوائر المنطلقة من المسجد الاقصى .. حتى الفرات والنيل .. والحمد لله رب العالمين ...
د . صلاح الخالدي