كان اسمه صلاح غنام - كان اسمه صلاح غنام - كان اسمه صلاح غنام - كان اسمه صلاح غنام - كان اسمه صلاح غنام
كنتُ أشعرُ بأحزانٍ كبيرة، أكبَرُ مما أحتملُ عادة من حزنٍ طارئ، أو كآبة عابرَةٍ لسبَبٍ واضحٍ، يزولُ بسبَبٍ مبهمٍ. رحتُ أتفقَّدُ جسدي الضئيلَ، وأمراضه الصغيرة، وأعدُّ ما استطعتُ من الخسارات المتراكمة، ولم أجدْ سبباً واحداً يُبرِّرُ كلَّ ذلك البكاء السريِّ في "استديو" مُعْتِمٍ في "أبوظبي"؛ سوى خبرٍ يبدو أنَّني كنتُ أشعر به من دون أنْ أدركه، حتى أسمعه لاحقاً بعد حزنٍ من الأيَّامِ، باقتضابٍ شديدٍ، أشدَّ من الوجَع:" صلاح غنَّام أعطاك عمره"!
ولو كنتُ أعرفُ أنَّ "صلاح"، وهو في عمر الأبوة، في الواحدة والأربعين، يُريدُ توزيعَ البقيَّةِ من عمره على من أحبَّوه، أو الذين لم يتأكَّدوا من حبِّه، لأخبَرْته أنَّني لم أكُنْ مُحْتاجاً لكلِّ تلك الأعوام التي تركَها خلفَهُ، ولكُنْتُ أنَّبْتُه بحرص أبٍ لم يعرف الأبوَّة، وقلتُ بإحساس لن أتقنَهُ فيما بعد: إنَّ"وليد" و"راما" و"عمر" أوْلى منِّي بهذا العمر، وكنتُ نصَحْتُهُ بحَدْس لن يأتيني من بعد، أنْ يؤجَّل ذهابهُ إلى "الجنوب"، وكنتُ ارتدَيْتُ لبوسَ الشيْطان، ووسْوَسْتُ له ألاَّ يكونَ دائماً موظفاً مجتهداً، ويعتذرُ عمَّا لمْ يفعَلْ!
وذهَبَ "صلاح" الذهابَ الذي لا مسربَ للإياب فيه على "الطريق الصحراوي"، من دون أنْ يودِّعَ أحداً وداعاً يَضْمُرُ سرّاً، أو يترك خلفه دلالةً واحدةً من دلالاتِ المَوْتِ؛ ذهَبَ إليْهِ كلاعبٍ مُغامرٍ يَرْكضُ خلفَ الكرةِ في أوَّل مشوارهِ الكرويِّ، ومثل "رجل شجاع" يكتبُ "النهاية" التي يريدُها إذا كان الخيار: الموْتُ أو حياةٌ مهشَّمَةٌ بحادثِ سَيْر. أعرفُ جيِّداً، عن بعد آلافِ المسافاتِ، أنَّ "صلاح" فضَّلَ الموتَ في الساعتَيْن الفاصلتَيْن بين حياةٍ وأخرى؛ فـ"الذلُّ طعمُهُ مُرٌّ" وهو كانَ دائماً "حرٌّ وحرُّ"!
كان اسمه "صلاح غنام"، وكانت لديهِ ثقةٌ زائدَةٌ في موسيقا اسمِه، فيحدَّثني دائماً عن إنجازاته، وكيف حصل "الوحدات" على أوَّل رباعيَّةٍ تاريخيَّةٍ، فقط عندما كانَ مديراً إدارياً للفريق، وأنَّ اسمه أحياناً كان يَسْبِقُ اسمَ "رأفت علي"، في هتافات الدرجة الأولى، ولما كنتُ أُبدي عدم اكتراثٍ، أو أقلل من قيمَةِ ما يتحدَّثُ فيه، كان يزعمُ أنَّني أحفظ جميعَ أرقام أصدقائي في هاتفي باسمِهِ، لأقولَ لمَنْ يكون بجانبي حين يرنُّ هاتفي مهما كان رقمُ المتَّصِلِ، إنَّ "صلاح غنام"، بنفسه، بنفسه فقط، يُهاتِفُني!
.. وهاتفي اليومَ خالٍ من الأسماءِ يا "صلاح"، ولا أتوقَّعُ بعد الآن صوتكَ لتخبِرَني نتيجَةَ مباراة مصيرية لا يبثُّها التلفزيون، أو لتعطيَني التفاصيلَ المملَّة لصفقَةِ عودَةِ "حسن عبد الفتاح" إلى "الوحدات". أنتَ يا أيُّها الصادقُ كالدمع، من اختارَ هذه النهاية؛ بالنسبة لي، فقد وضعتُ اسمكَ في هاتفي مكانَ كلِّ أسماءِ الأصدقاءِ، وانتظرْتُ طويلاً، لكنَّ أحداً منهم لم يتصل لأرى اسمكَ الذي كان "صلاح غنَّام"!
في كافتيريا "الغد" القهوة كلها مُرَّةٌ، والطاولة التي كانت من أربعَةِ مقاعدَ، صارت نصف فارغَةٍ، فقد ذهب من قبل "زياد العناني" إلى صمتهِ ولم يعُدْ، وذهبْتَ أنتَ يا "صلاح"، ولم تقلْ شيئاً عن العودة. ستبردُ القهوةُ أمامَ "منار الرشواني"، وتبقى سيجارة "موفق ملكاوي" باردَةً في كفِّه، وسيبردُ قلبي من دونكَ؛ فقد كنتُ أحبُّكَ، وهذه حقيقةٌ مؤلمَةٌ اكتشفتُها متأخِّراً كالأشياء العظيمة، وكانت خطيئتي أنَّ أحبَّ الأصدقاءَ غير المخلصين الذينَ يفضلونَ الموتَ بحوادث السير، على أنْ يستكملوا إفطارَهم معَنا!
"الوحدات" لن يفوزَ بعدَ الآنَ مهما فازَ، ولن تكتَمِلَ أيُّ "رباعيَّةٍ" له؛ ففي غيابكَ سيُصبِحُ لكلِّ معنى طعم "الخسارة"، وفي عين "طارق خوري" الآن دمعٌ و"جَميلٌ" لا يُرَدُّ، وفي خطوات "فيصل إبراهيم" ارتباكٌ في الطرق التي تعودُ كلُّها إلى الوراء، وعلى ذراع "عبدالله أبو زمع" شارَةٌ جديدَةٌ للحداد!
وفي "الغد" سيبقى أثركَ، في مكتبكَ البسيط في قسم "التحدي"، وفي الممرِّ الطويل حتى قسم "التنفيذ"، سيبقى صوتكَ متحدثاً على الهاتف في أمورٍ مهمَّةٍ تدلُّ على أنَّ اسمكَ مهم وغير قابل للمحو، فأنتَ الذي أقنَعْتَ "زايد الدخيل"، ابن بدو الوسط، أنْ ينتسِبَ إلى نادي "الوحدات"، وفشلْتَ في استدراجي أنا ابن وسط "رام الله"، أيُّها النقيُّ كالدم على صفاف النهر النحيل؛ كنتَ ابن "مخيَّم الوحدات" الذي اختارَ أنْ يموتَ في "الكرك"!
صلاح غنام بدأت الأيام تمضي والشوق وشعور الفراق يزداد،قالوا مع الزمن يمشي الحال وأقول مع الزمن يزداد إحساس الفراق والاشتياق والفقدان. صلاح أنا لم أزر قبر احد من قبل طوال حياتي ، لكن انت من جعل زيارة المقبرة جزء من حياتي.
صلاح أفتقدك وأبكي .....معقول يا صلاح ان يصبح البكاء مكانك في حياتي ملازم لي كما كنت انت.
بحكوا يا صلاح انه البموت يرتاح وأنا بقول كيف يرتاح وهو يعلم بان كل من يحبه متألم.
صلاح بطمنك على النادي لأني اعلم بانك قلق عليه ومن حقك هذا لان الإدارة جديدة ، لكنها لمعلوماتك تعمل بجد يد واحدة لمصلحة المؤسسة.
صلاح أينما اذهب لهذا اليوم الجميع يعزيني بوفاتك والدمع لم يغادر عيني لهذا اليوم.
صلاح كُثر البكاء لن يجفف الدمع بل يزده وجوداً.
والى الحديث بقية لاني اعلم بانك الآن أصبحت تصغي لمن يحادثك. واتركك الآن بسلام.