مرة من المرات القليلة الحصول في حينا، اندلعت نار في أحد البيوت القريبة منا، صعق كل أهل الحي وقتها، وهو منظر أذكره جيداً، اجتمعنا جميعاً، المؤدبون والمؤدبون جداً والزعران والزعران جداً، الوجهاء والانعزاليين، نحن جميعاً بدأنا مساعدة بعضنا البعض في محاولة إخماد النار، البعض يمد خراطيم المياه من بيته والبعض يحمل المياه بما تيسير بين يديه من طناجر أو سطول من أي بيت ويأتي ليخمد الحريق بها...
أذكر أنني لم أفتقد أحداً خلال محاولة الإطفاء تلك، سوى إثنين من شباب الحارة، وهما بالمناسبة معاقين عقليا، يعني ما مرفوع عنهم العتب، حتى الشيخ الأصلع الذي كان يتهمه أهل الحي أنه يأكل أموال الزكاة ويضعها في جيبه، جاء مهرولاً على الأقل ليسأل عن أهل البيت هل حصل لأحدهم مكروه يذكر... إلا هؤلاء المعاقين وإمهما مع أن بيتهما كان قريباً. وظهروا متأخراً جدا ليراقبوا الأحداث، ويطلقوا تعليقات غبية، بصراخ عالي .
كانت المشكلة أن "بربيش الغاز" مفتوح ويسرب الغاز مما يعني تغذية النار كلما حاولنا إطفاءها... وهذا يعني أحد ثلاث احتمالات إبقاء الحال على ما هو عليه لحين انتهاء مخزون الغاز، أو أن درجة الحرارة في منطقة وجودالغاز سترتفع لتسبب معها انفجاراً كاملاً، أو أن يدخل فدائي ما فيخرج جرة الغاز مهما كانت حرارتها مرتفعة.
ولأن احتمال الانفجار يعني كارثة في كل الحي وليس فقط في البيت، فقد دخل أحد الشبان إلى قلب النيران لكي يخرج جرة الغاز، معظمنا خفنا عليه فحاولنا إقناعه بالعكس، لكنه لم يمنحنا وقتاً لذلك، فدخل وأخرج جرة الغاز من قلب النار، وقذفها خارج البيت بطريقة يجب أن يشكر عليها حتى يوم القيامة. وحين كان مسرعاً من ألمه من لسعة النيران على يده اصطدم بأم المعاقين... وأسقط علبة "الزعوط" الخاصة بها بين أقدام أهل الحي الذين يتراكضون حوله وخلفه.
حينها جرى خلفه أولادها المعاقين لضربه، وجرى خلفهم الكثيرون لإبعادهم عنه... فيما بقي الكثيرون حول البيت المحروق يواسون أهله... ويتفقدون ما خربته النيران...
فيما انبرى البعض في البحث عن علبة زعوط الحجة... بركن على ألله سكتوا أولادها... وبطلوا بدهم يضربوا ويقتلوا علشان علبة "زعوط"....
والله يا أبو الحسن هاي الام طلعوا ولادها أكثر من 100 مش إثنين وللاسف جميعهم مناغيل وبأيديهم أقلام صفراء تقطر لهيب نتن بغيض يأججون به هذا الحريق واجمالا كل الحق على إلي بجيب هبله وبمسكها طبله .
كأني أرى الخوري الفنان مع إدارة النادي بهيئة الشاب الجريئ والواثق بإبعاد الخطر عن أهل البيت
الذن هم جماهير الوحدات الذين أصيبوا وباقي الجماهير الخضراء كانوا أهالي الحي الرائعين
الذين ما ادخروا جهدا ً لإطفاء نار اشتعلت بقلوب المصابين وذويهم
مشاهد تصويرية في قمة الرقي ّ والروعة يا أبا الحسن
سلمت يداك وعيناك يا مبدع
ولا عزاء للهذولاك ،، كصدي لعلبة الزعوط