الحماسة وحسن النوايا لا يكفيان لتأسيس هيئة مستقلة للانتخابات تكون مسؤولة عن ادارة العملية الانتخابية بمجملها, ولأن "الشيطان يكمن في التفاصيل" فان هناك أمرين مهمين يجب الانتباه لهما, الاول هو قانون تأسيس هذه الهيئة, والثاني آلية تشكيلها.
بالنسبة لتأسيس الهيئة, فيجب ان يكون ذلك من خلال قانون خاص وليس من خلال قانون الانتخابات, وان يحدد هذا القانون كافة التفاصيل ذات العلاقة بتأسيس هذه الهيئة ابتداء من اسمها ومرورا بصلاحياتها وواجباتها ومسؤولياتها ولجانها المختلفة وآليات عملها الداخلية, ويجب ان ينص القانون على ان عمل هذه الهيئة غير محدود بالانتخابات النيابية فقط, بل يجب ان يشمل عملها ادارة كافة انواع الانتخابات العامة, نيابية او بلدية, بما في ذلك ادارة الاستفتاءات العامة ايا كان نوعها.
أما فيما يتعلق بآلية تشكيل هذه الهيئة, فانني اقترح هنا آلية عملية وواضحة يمكن من خلالها اختيار اعضاء الهيئة بعيدا عن اي نوع من انواع التشكيك من اي طرف كان, والاقتراح يتلخص في تشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن الحكومة ومجلسي الاعيان والنواب ولجنة الحوار الوطني, وان تكون مهام هذه اللجنة محصورة في استقبال الطلبات ممن يجد في نفسه الكفاءة للعمل داخل هيئة الانتخابات, على ان تتم صياغة شروط تقديم الطلبات والمؤهلات المطلوبة من خلال هذه اللجنة, وهنا لا ارى مانعا من الاستعانة بخبرات مؤسسات المجتمع المدني الوطنية والدولية التي تملك خبرة في هذا المجال.
يتم نشر اعلان بفتح باب تقديم الطلبات والشروط المطلوبة في كافة الصحف اليومية ووسائل الاعلام المختلفة, ويتم اختيار من تنطبق عليهم الشروط من المتقدمين, على ان يتم نشر السيرة الذاتية لمن يقع عليهم الاختيار في وسائل الاعلام, وبعد ذلك يتم عرض الاسماء على مجلسي النواب والاعيان للموافقة عليها,ومن ثم رفعها للملك للمصادقة النهائية.
بهذه الطريقة فان آلية التشكيل ستكون شفافة وموضوعية, وهو ما سيكسب هيئة الانتخابات مصداقية منذ البداية, وسينعكس ذلك بشكل ايجابي على عملها وثقة الناس والنخب السياسية بها .