بورتريه على بورتريه - بورتريه على بورتريه - بورتريه على بورتريه - بورتريه على بورتريه - بورتريه على بورتريه
بورتريه على بورتريه
بورتريه على بورتريه
يوسف أبو لوز
(1)
ذات صباح في بيتنا «الدستور» احتجت إلى بعض المعلومات من قسم الابحاث، فقيل لي اذهب إلى الزميل علي سعادة في الطابق الثاني، كانت هذه أول مرة التقي فيها الزميل سعادة. وكانت مفاجأة بالنسبة لي: فمن خلال صفحة «البورتريه» المميزة التي تقدمها «الدستور» ويكتبها علي سعادة، توقعت أنه على الأقل في الخمسين من العمر..أشيب..لا تفارق السيجارة شفتيه، وله خطوط في وجهه وجبينه ترتسم في العادة على وجوه أولئك الذين يقضون كل عمرهم خلف المكتب المحبب..المكتب الصحفي.
ولكن علي سعادة كان على العكس من كل ذلك، شاب وسيم، مهذب، يميل إلى نوع من الخجل الرجولي الشفيف، وبدلا من أن أرى سيجارة بين شفتيه رأيت تلك الابتسامة الأخوية البيضاء التي هي ابتسامة الزمالة والعمل اليومي المشترك الذي ننجزه معا في بيتنا الواحد.
صحت فيه بشيء من الفرح: أنت علي سعادة؟
ضحك وقال: نعم.
قلت: كنت أظنك كهلاً.
تلك هي العبارات السريعة المقتضبة التي تبادلتها مع الزميل سعادة في الطابق الثاني من «الدستور» واعتقد أن هذه العبارات التلقائية ستكون بداية صداقة وبداية حوار طويل بيننا كما جاء في إهدائه لي الكتاب الذي صدر له قبل يومين بعنوان «بورتريه».
(2)
في صباح هذه الجمعة.. لماذا أحيي الزميل علي سعادة؟
أحييه لأنني احترمه قبل أن أعرفه من خلال أدائه المهني في مجال كتابة «البورتريه».. فهو صاحب جملة رشيقة خفيفة سريعة التفاعل مع الوجدان وعقل القارئ. وهو كاتب ناجح في مجال «البورتريه» أو «الصورة القلمية» التي تتناول في العادة سيرة شخصية اعتبارية معينة من جميع الجوانب..إذ يدخل في عصب هذه الكتابة الجانب الحياتي الشخصي والجانب الاعتباري أو الدور الذي قامت به هذه الشخصية. وفي العادة تقوم مثل هذه الكتابة على فن صحفي معروف وهو «القصة الصحفية» وأن كان بشكل آخر غير «القصة الصحفية الخبرية المباشرة».
أقول إن «بورتريه» علي سعادة شدني منذ أول مرة قرأته في «الدستور» وكذلك أفرحني لسبب مهني صريح: وهو ان «الدستور» قد تكون الصحيفة الأردنية الأولى التي قدمت للقارئ مثل هذا النوع من الكتابة الصحافية «البورتريه»، فالناس اعتادوا قراءة التقارير والتحليلات الإخبارية. واعتادوا قراءة المواد المنجزة عن ظواهر اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية. واعتادوا قراءة المواد المنوعة الخفيفة، وعرفوا لغة كتابهم اليوميين.. ولكنهم- ربما- لم يقرأوا شيئا من قبل عما يسمى «البورتريه» وبخاصة في لغة طرية صافية وليس لغة التوثيق الصارمة.
وأقول إننا في حاجة إلى الكتابة عن الأفراد؛ لأن الأفراد هم خيط النسيج الأول للجماعات..إننا في حاجة إلى قلم يصور بعفوية وبصدق وبجرأة، وتحديدا تصوير الجوانب المنسية في الشخصية موضوع الكتابة.. وذلك ما أشار إليه الدكتور نبيل الشريف رئيس التحرير المسؤول في تقديمه لكتاب علي سعادة.. قال: «ما يتضمنه هذا الكتاب من جهد يكتسب تميزه من اعتبار آخر ألا وهو قيام الكاتب الزميل علي سعادة بارتياد آفاق غير مطروقة في تقديم الجانب الآخر لهذه الشخصيات العامة التي تؤثر في حياة الناس وتتخذ قرارات يكون لها انعكاس على حياتهم..».
باختصار أنا فرح بالزميل علي سعادة، وفرح بصدور كتابه «بورتريه» الذي قد يكون الأول من نوعه في الأردن على صعيد الفن الصحافي.
ويا ترى..هل قدمت «صورة قلمية» كافية لهذا الكتاب؟ أجيب أن الكتاب هو نفسه الصورة الأكثر تظهيرا والأكثر تقديما لنفسه.. وهذه دعوة لكافة المبدعين في ساحتنا الثقافية للتعرف على «بورتريه» علي سعادة.. وعلى علي سعادة نفسه.
- شاعر وكاتب وصحافي أردني حاصل على عدة جوائز أردنية وعربية.
- المقال نشر في صحيفة «الدستور» 9/8/1996 .