في حين قضى معظم اقرانه طفولتهم في اللعب واللهو والتمتع باكتشاف تفاصيل الحياة ساقه قدره ليمضي منذ نعومة أظفاره ما يزيد على 14 عاما أسير سرير في قسم العناية الحثيثة بمدينة الحسين الطبية، منها سنتان في احد المستشفيات السعودية... وضاعت معها سنون هي الاجمل بحياة أي انسان.
ايهاب زكي شتيوي شاءت الاقدار أن يكون ضحية حادث سقوط من مرتفع في العام 2000 ، حين كان يقيم مع عائلته في المملكة العربية السعودية، نتج عنه إصابته بشلل رباعي تسبب له بكسر في الفقرات العنقية، حيث ادخل في احد المستشفيات هناك قبل ان يحول الى قسم العناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية ولا يزال فيه.
يبلغ ايهاب من العمر الان الثالثة والعشرين عاما، وكما فاتته سنون من عمر الطفولة الاجمل والاطيب فاتته كذلك سنون من عمر الشباب المشرق، الا أنه وبحسب المحيطين به من الكادر الطبي متسلح بالايمان بالله، مؤمنا بالقضاء والقدر.
منذ ما يزيد على ثلاثة عشر عاما لم يغادر ايهاب قسم العناية الحثيثة بسبب طبيعة مرضه الذي يعتمد بشكل شبه تام على جهاز التنفس الاصطناعي غير ان وضعه العام باستثناء ذلك مستقر.
دخل ايهاب بحالة من الصمت العميق المطبق بعد سؤاله ان كان يعلم ان هناك اشقاء غزيين يتلقون العلاج معه بعد تعرضهم للاصابة جراء العدوان الاسرائيلي الوحشي المتواصل على وطنهم الغالي فلسطين...هم يشاركونه غرفة العناية الحثيثة.
منذ ان سمع بوجودهم ورآهم بعيينه لم تغادر وجهه علامات التأثر والحزن الشديدين الذي ارتسمت عليه كآبة سوداء ولم يتمالك نفسه من التعبير عن مخزون المشاعر والأحاسيس الحزينة فذرفت عيناه دموعا حارة حيال ما يجري للاهل هناك والذين يتابع اخبارهم بصورة مستمرة من خلال شاشة التلفاز الموجود خصيصا له بجانب سريره، حيث يشاهد الصهاينة يرقصون طربا وفرحا على اوجاع اهلنا هناك في غزة ونجيع دماء الشهداء الطاهر يروي ارض فلسطين المقدسة.
لم يخف ايهاب مشاعر الحزن والاسى حيال عدم استطاعته رؤية اشقائه الفلسطينيين المصابين الذين يجاورونه والاطمئنان عليهم وهو اسير السرير في العناية الحثيثة... لكن لسان حاله يقول هذا حالي لا يخفى على احد.
ايهاب الذي يحرص على الصيام واداء فريضة الصلاة متسلح بالايمان بالله والايمان بالقضاء والقدر في سرائه وضرائه وشدته وأن الله يأجر المؤمن على كل مصيبة مهما صغرت وانه كلما عَظُمَ المصاب والبلاء عظم الأجر والثواب ولكنه ورغم ذلك شامخ صامد صابر يستمد عزيمته وإصراره من رحم معاناته ودعم اهله واصدقائه خاصة كوادر قسم العناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية ولكنه وبذات الوقت لا ينكر تعطشه للحرية باذن الله من هذا السرير الذي لازمه طويلا.
ويرجو ان يكشف الطب علاجا يحرره من حاجته الدائمة لجهاز التنفس الاصطناعي، ليرقد في حجر امه الذي حرم منه طويلا، ولم يخف امنية حياته باداء فريضة الحج رغم اداركه صعوبة ذلك جراء لما هو فيه.
ويؤكد الكادر الطبي والتمريضي بمستشفى مدينة الحسين الطبية في حديث لوكالة الانباء الاردنية (بترا) أن كثيرا من الاصحاء لا يتمتعون كما يتمتع به ايهاب بروح من الايمان والايجابية والتفاؤل والامل.
ويضيفون أن هذا الشاب رغم شلله الكامل الا انه يتمتع بذكاء حاد لم يجدوا معه صعوبة في التواصل معه، وأصبح كل من في قسم العناية يعدونه أخا وصديقا لهم ومكونا اساسا من القسم، وكأنه احد اعضاء الكادر يبادلونه الحديث، ويخبرهم بما استجد معه يوميا في أثناء غياب بعضهم بحسب طبيعة مناوباتهم، والمواقف في القسم، وبعضها بحسبهم يثير الابتسام واحيانا الضحك.
ويقول رئيس قسم العناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية العقيد الطبيب حسين الشعلان انه تم زرع جهاز خاص لايهاب لتنظيم عمل الحجاب الحاجز لتقليل اعتماده على جهاز التنفس الاصطناعي ولكن التجاوب كان جزئيا ما يبقيه بحاجة ماسة الى جهاز التنفس الاصطناعي وتحت اشراف طبي متخصص ومتواصل.
ويضيف الطبيب الشعلان ان كوادر الخدمات الطبية الملكية سواء الطبية اوالتمريضية اوالمعالجين التنفسيين اوالفيزيائيين يعدون ايهاب اخا وصديقا لهم قبل ان يكون مريضا فهو محط اهتمامهم وتقديرهم واعجابهم جميعا.
وصف مسؤول عسكري إسرائيلي مجريات المعارك مع المقاومة الفلسطينية على حدود قطاع غزة بـ"المعقدة جدا وأكثر بكثير من جنوب لبنان عام 2006، حيث لم يسبق لجنودنا أن خاضوا مثل هذه المعارك من قبل.
وأوضح المسؤول لموقع 0404 العبري: أنه "على الرغم من تدريبات الجنود وخبرتهم لكن هذه الحرب تدور مع عدو عنيد ومرير ويسقط في الحرب قتلى واصابات والمعارك صعبة ويؤسفنا أنها مصحوبة بفاجعة لجنودنا".
وأضاف المسؤول الإسرائيلي: "يواجه الجيش مسلحين كثر منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة وهناك عشرات الاشتباكات تجرى في قطاعات صعبة جدا يطلق فيها صواريخ مضادة للدبابات وقذائف RPG وتفجير عبوات ناسفة وإطلاق نيران من أسلحة خفيفة".
وأعترف المسؤول بوقوع إصابات قائلا: "خلال ساعات الليل أصيب جنودنا بجراح متفاوتة وتم إخلائهم على إثرها الى المستشفيات والإصابات وقعت في صفوف ألوية المشاة المختلفة وألوية غفعاتي والمظليين وناحال وجولاني".
كما اعترف الاحتلال بإصابة "غسان عليان" قائد لواء "غولاني" في جيش الاحتلال بجراح بين متوسطة وخطيرة وثلاثة ضباط آخرين بنيران المقاومة الفلسطينية في اشتباكات ضارية اندلعت الليلة الماضية على الحدود الشرقية لقطاع غزة وتستمر في هذه الاثناء.