حين تجوب القوافل الخضراء الصحارى والقفار تقطعها ميلا بعد ميل.... وحين تطوي سطور الرمال خلفها سطرا سطرا.... وشبرا شبرا... وحين تثير بانطلاقها غبار الأرض... فتحمله الرياح عبر الفضاء زوابع وشلالات من الرمل .... ويتأبط الفرسان سياطهم الجلدية ويحفرون على خدود الأرض ... جداول وأخاديد ... تسري في ثناياها خيالات اللاهثين وراء الجمال .... يتحينون لحظات بطئها..لكنها لا تلبث أن تسحقهم ... بأخفافها ؛ فيتناثرون على جنبات القفار... رزاذا من لا شيء.
وحين تستريح القوافل قرب قرص القمر.... تتشكل في السماء ... عناقيد من قناديل النور المتوهج.... ولا تلبث أن تتعلق أعين الفرسان بذاك القنديل المتدلي من بعيد.... وكأنه يبرق للخيالة أنوارا ... يمهد لهم الطريق نحو متابعة المسير... والانقضاض على الخصوم ليلا... ليلتهموا ما تبقى من أحلامهم القزمة... نحو الفوز واقتناص النقاط... لكن ضوء القنديل الباهر يخطف أبصارهم .. فلا يكادون يبصرون رؤوس أناملهم... ويتعثرون فيما تبقى لديهم من فشل وانهزام... ويعلنون استسلامهم أمام عظمة نور قنديلنا الأخضر الكبير... ويظل قنديلنا الأخضر لطريقنا نورا وضياء... نبصر به طريقنا المحمود... نحو الرباعية والفوز بالكؤوس.