«.. في فئتين التقتا» . - «.. في فئتين التقتا» . - «.. في فئتين التقتا» . - «.. في فئتين التقتا» . - «.. في فئتين التقتا» .
«.. في فئتين التقتا» .
د. صلاح الخالدي
وقفتنا مع آية قرآنية كريمة، تشير إلى ما جرى في غزة بدر الكبرى، قال الله عز وجل: }قد كان لكم آية في فئتين التقتا، فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين، والله يؤيد بنصره من يشاء، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار..{ (آل عمران: 13).
والآية هي العلامة الواضحة البارزة الظاهرة، التي يراها الإنسان، ويفهم دلالتها، ويدرك العبر منها، ويستخرج منها الدروس والإشارات، والإيحاءات واللفتات، ويقف على عبرها ودلالاتها.
يلفت الله أنظار المسلمين إلى ما جرى في غزة بدر، ويدعوهم إلى تذكر ذلك وإدراكه والاعتبار به. والخطاب في قوله: }قد كان لكم آية..{ ليس خاصاً بالصحابة الكرام رضوان الله عليهم، الذين اشتركوا في غزة بدر، وإنما هو عام، موجه للمسلمين على اختلاف الزمان والمكان، ويشمل كل أجيال المسلمين عبر القرون، حتى قيام الساعة.
ونحن مسلمو هذا الزمان مشمولون بهذا الخطاب، ونحن بحاجة ماسة في هذه السنوات العصيبة إلى الوقوف مع الآيات الربانية التي تقدمها لنا غزة بدر الكبرى، لأننا نعيش الحرب العالمية الرابعة، التي تشنها علينا أمريكا واليهود وحلفاؤهم.
يقول الله لنا: }قد كان لكم آية في فئتين التقتا، فئة تقاتل ي سبيل الله، وأخرى كافرة{.
وصف الله الفئة الأولى بأنها تقاتل في سبيل الله، وهم الصحابة الكرام بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أفضل أجيال المسلمين على الإطلاق، وهم أولياء الله المخلصون له، وشهد الله لهم بأنهم متجردون لله، يقاتلون في سبيل الله.
ووصف الله الفئة الثانية بأنها كافرة، وهم مشركو قريش بقيادة أبي جهل. واللافت للنظر أن "تصنيف" الجيشين في غزوة بدر كان على أساس الدين، وهو التصنيف الصحيح الصائب المؤثر، إنها حرب بين مؤمنين مقاتلين في سبيل الله، وكافرين محاربين لدين الله.
ولم تكن الفئتان في الغزوة متكافئتين، في ميزان القوة المادي، وأشار إلى ذلك قوله: }يرونهم مثليهم رأي العين{، أي: يرى الصحابة عدد المشركين مثليهم، ومن المعلوم أن الصحابة كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر مجاهداً، وأن الكفار كانوا ألفاً، ولذلك كان الكفار مثلي المجاهدين.
ومع ذلك نصر الله المجاهدين، لأنه هو القوي العزيز: }والله يؤيد بنصره من يشاء{. وقد امتن الله على الصحابة بذلك في قوله تعالى: }ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، فاتقوا الله لعلكم تشكرون{ (آل عمران: 133).
وإذا كانت أحداث غزوة بدر آية، فإنه لا يلتفت لها أي إنسان، ولا يفهم دلالاتها إلا أناس ذوو صفات خاصة، مؤهلون لذلك: "إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار".
أولو الأبصار هم أصحاب البصائر الإيمانية، والقلوب الحية، والنظرات النافذة، والفراسة الفاعلة، هم الذين يتذكرون الآيات الربانية من خلال أحداث غزوة بدر، والذين يتعمقون دلالتها، والذين يعتبرون بها..
ونحن مدعوون إلى أن نلتفت إلى الآيات الربانية، التي تبثها لنا أحداث غزوة بدر، وما بعدها من الغزوات الجهادية، وأن نقف على عبرها ودلالاتها.
وكثير من الناس لا يلتفتون لذلك، ولا ينتبهون للآيات، ويمرون عليها وكأنهم صم بكم عمي، كما قال تعالى: }وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون{ (يوسف: 105).
إن أهم العبر والدروس التي نخرج بها من فقه آيات أحداث غزوة بدر هي الصلة الوثيقة، والتلازم الكبير بين الأمة المسلمة وبين الجهاد، وارتباط حياة وحيوية الأمة بالجهاد، فالأمة لا تحيا إلا بالجهاد، ولا تحقق عزتها وكرامتها إلا بالجهاد.
ويزداد هذا المعنى رسوخاً في الأمة عندما تعيش الأمة هجمة الأعداء عليها، ونحن نعيش في هذه السنوات حرباً عالمية رابعة، وهجمة يهودية أمريكية شرسة علينا، تستهدف كل شيء عندنا: الأوطان والإنسان، والدين والإيمان، والقرآن والإسلام، والأموال والأعراض، ويوجب الإسلام علينا الوقوف أمام هؤلاء الأعداء، ومواجهتهم بالإسلام، وإفشال مخططاتهم ومؤامراتهم، وتحصين الأمة منهم، وإنقاذ البلاد والعباد من أخطارهم وغزوتهم، وستنتصر الأمة المسلمة على هؤلاء الأعداء في النهاية، عندما تصدق مع الله، وتجاهد مخلصة في سبيل الله!!