الحُوت الأزْرَق، أو المَنَارَة [2] (الاسم العلمي: Balaenoptera musculus) هو حيوان ثديي بحري ينتمي إلى تحت رتبة الحيتان البالينية،[3] وبسبب طوله البالغ 37 متراً (120 قدماً)[4] ووزنه البالغ 190 طناً[5] أو أكثر، فإنه يُعد أكبر الحيوانات المعروفة على الإطلاق.[6]
جسم الحوت الأزرق طويل ونحيل، وهو ملوّن بعدة ألوان متدرجة، فهو رمادي مزرقّ عند الظهر وأفتح لوناً في الجانب السفلي.[7] للحوت الأزرق ثلاث سلالات مختلفة على الأقل هي: ب. م. مَسكيولَس (B. m. musculus) ويعيش في شمال المحيط الأطلسي وشمال المحيط الهادئ، وب. م. إنترميديا (B. m. intermedia) ويعيش في المحيط المتجمد الجنوبي، وب. م. بريفيكودا (B. m. brevicauda) المعروف أيضاً باسم الحوت الأزرق القزم، ويعيش في المحيط الهندي وجنوب المحيط الهادئ، وأما ب. م. إينديكا (B. m. indica) الذي يعيش في المحيط الهندي فيُحتمل أن يكون سلالة أخرى لهذا النوع. يتألف غذاء الحيتان الزرقاء كغيرها من الحيتان البالينية بشكل حصري تقريباً من القشريات الصغيرة المعروفة باسم الإيفوزيات.[8]
كانت الحيتان الزرقاء وفيرة في كل محيطات الأرض تقريباً حتى بداية القرن العشرين، إذ كان صيادو الحيتان يصيدونها لأكثر من قرن من الزمان حتى صارت على وشك الانقراض، ولكن المجتمع الدولي قام بحمايتها سنة 1966 مما أدى إلى تحسن أوضاعها، وقد قدّر تقرير صدر عام 2002 عدد الحيتان الزرقاء بما يقارب 5,000 إلى 12,000 حوت أزرق في جميع أنحاء العالم،[9] وتوجد في خمس مجموعات على الأقل، وأشار تقرير أحدث أُجري على سلالة الحيتان القزمة إلى أن ذلك التقدير قد يكون أقل من الواقع،[10] وأما القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض فإنها تصنف الحوت الأزرق ضمن الحيوانات المهددة بالانقراض.[11] كان أكبر تجمع للحيتان الزرقاء قبل عمليات صيد الحيتان في المنطقة القطبية الجنوبية، إذ بلغ عددها قرابة 239,000 حوت (من 202,000 إلى 311,000 حوت)،[12] إلا أنه لم يتبق هناك إلا مجموعات أصغر من تلك بكثير تتكون كل مجموعة من ألفي حوت تقريباً، وتوجد في كل من شمال شرقي المحيط الهادئ والقارة القطبية الجنوبية والمحيط الهندي، وهناك مجموعتان أيضاً في شمال المحيط الأطلسي، ومجموعتان على الأقل في نصف الأرض الجنوبي.
تبدأ الحيتان الزرقاء بالتزاوج في أواخر فصل الخريف وتستمر حتى نهاية فصل الشتاء،[48] ولا يُعرف الكثير عن عادات تزاوج هذه الحيتان. تلد الإناث عادةً مرة واحدة كل سنتين أو ثلاث سنوات، ويكون ذلك في بداية فصل الشتاء بعد فترة حمل تتراوح ما بين 10 و12 شهراً،[48] ويكون وزن صغير الحوت (العجل) عند الولادة حوالي 2,5 طن وطوله حوالي 7 أمتار (23 قدماً)، وبعد الولادة يبدأ العجل بتناول كمية كبيرة من الحليب تتراوح ما بين 380 و570 لتراً في اليوم الواحد، ويحتوي حليب الحوت الأزرق على طاقة يصل مقدارها إلى 18,300 كيلوجول/كيلوغرام (4,370 كيلوسعرة/كيلوغرام)،[49] ويبلغ العجل الفطام بعد ستة أشهر من ولادته، ويكون قد وصل طوله حينئذٍ إلى ضعفي ما كان عليه، ويصل الحوت الأزرق سن البلوغ عندما يكون عمره بين خمس سنوات وعشر سنوات غالباً. تُظهر سجلات صيد الحيتان في نصف الأرض الشمالي أن متوسط طول ذكور الحيتان عند البلوغ الجنسي يبلغ 20-21 متراً (65,6-69 قدماً) ومتوسط طول الإناث 21-23 متراً (69-75 قدماً)،[50] أما في نصف الأرض الجنوبي فإن طول الذكور يبلغ 22,6 متر (74 قدماً) والإناث 24 متراً (79 قدماً)،[51] وأما بعد البلوغ فإن متوسط طول الذكور في نصف الأرض الشمالي يبلغ 24 متراً (79 قدماً) والإناث 25 متراً (82 قدماً)، وأما في نصف الأرض الجنوبي فإن متوسط طول الذكور يبلغ 25 متراً (82 قدماً) والإناث 26,5 متر (87 قدماً).[50][51] وقد أظهرت دراسة تصويرية أجريت في شمال المحيط الهادئ أن متوسط طول الحيتان الزرقاء البالغة يبلغ 33,6 متر (90 قدماً)، وأن الحد الأقصى لطولها هو 36,4 متر (120قدماً)،[52] مع أنه قد عُثر على أنثى حوت أزرق بطول 40,5 متر (123 قدماً) على إحدى شواطئ كاليفورنيا سنة 1979.[53]
يُقدّر العلماء فترة حياة الحيتان الزرقاء بثمانين عاماً على الأقل،[27][48][54] ولكن بما أن الإحصاءات التي أجريت على الأفراد لا تعود إلى عصر صيد الحيتان فإن هذا التقدير لن يكون معروفاً بشكل قطعي لعدة سنوات، وقد بلغت أطول دراسة مسجلة على فرد واحد 34 عاماً، وكانت في شمال شرقي المحيط الهادئ.[55] إن المفترس الطبيعي الوحيد لهذه الحيتان هو الحوت القاتل،[56] إذ تشير بعض الدراسات إلى أن 25% من الحيتان الزرقاء البالغة تقريباً تملك ندباتٍ ناتجةً عن هجمات الحيتان القاتلة،[27] وأما معدل الوفيات الناتجة عن تلك الهجمات فهو غير معروف.
تقوم بعض أنواع الحيتان بإلقاء أنفسها على اليابسة والشواطئ مما يؤدي إلى وفاتها بسبب التجفاف، ويعرف هذا السلوك باسم انتحار الحيتان، إلا أن هذا السلوك ليس شائعاً عند الحيتان الزرقاء إطلاقاً، وبسبب البنية الاجتماعية لهذا النوع من الحيتان فإن عمليات الانتحار الجماعي لم تُشاهد عندها قط،[57] وعندما تقع ظاهرة انتحار الحيتان فإنها تصبح محور اهتمام العامة. في عام 1920، قام الناس بغسل حوت أزرق مستلقٍ على جزيرة لويس في اسكتلندا بالماء حتى لا يموت من التجفاف، إذ قام بعض صيادي الحيتان بإطلاق النار عليه ولكن حربة الصيد التي أطلقت عليه لم تنفجر، فبقي على قيد الحياة، وكما هو الحال مع الثدييات كلها فإن غريزة الحوت دفعته إلى الاستمرار بالتنفس مهما كلف الأمر، حتى وإن كان هذا يعني أن يلقي نفسه على الشاطئ لمنع نفسه من الغرق، وهو الأمر الذي قام الحوت بفعله. قام السكان بنصب عظمتين من عظام هذا الحوت قبالة إحدى الطرق الرئيسة في جزيرة لويس، وما زالت العظمتان نقطة لجذب السياح.[58]
الأصوات[عدل]
Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: صوت الحوت
أشارت دراسة أجريت عام 1971 إلى أن شدة الأصوات التي تصدرها الحيتان الزرقاء تتراوح ما بين 155 و188 ديسيبل عندما تقاس على ضغط يساوي مايكروباسكالاً واحداً على متر واحد.[59][60] وتصدر جميع مجموعات الحيتان الزرقاء أصواتاً تتراوح تردداتها الأساسية ما بين 10 و40 هرتز، مع العلم أن تردد أدنى صوت يمكن للإنسان أن يسمعه هو 20 هرتز. وأما مدة نداءات الحيتان الزرقاء فتتراوح ما بين عشر ثوانٍ وثلاثين ثانية، وقد سُجلت أصوات لحيتان زرقاء قبالة سواحل سريلانكا تتكون من أربع نوتات موسيقية، مدة الواحدة منها تساوي دقيقتين تقريباً، وهي مشابهة بذلك لأصوات الحيتان السنامية المعروفة، وبما أن هذه الظاهرة لم تُشاهد عند أي مجموعة أخرى من الحيتان الزرقاء فإن الباحثين يعتقدون أنها قد تكون فريدة عند سلالة الحيتان القزمة فقط.
إن السببَ الحقيقي وراء إصدار الحيتان الزرقاء للأصوات غيرُ معروف، وقد أشارت دراسة أجريت عام 1995 إلى أن الأسباب المحتملة لذلك ستة، وهي:[6