يروي فيما يروي الفنان ياسر العظمة في مسلسله الجميل "مرايا" قصة عربية تقول: ان رجلا اسمه صالح كان يعمل معلما كلفه عمدة الضيعة ذات يوم بان يلقي خطابا باسم اهالي الضيعة في حفل تأبين احدى الشخصيات الهامة التي توفاها الله وبحضور ممثل من السلطة العثمانية. اعد صالح الخطاب الا انه انتبه الى انه لم يكن يملك ثيابا جيدة تليق بحضرة الممثل العثماني فارادت زوجته ان تفعل به خيرا فذهبت لجارتها تدعوها لحضور الحفل لترى زوجها وهو يلقي خطابه وتشكو اليها ان صالحا لا يملك ثيابا تليق بالوقوف امام حضرة الممثل العثماني وترجوها ان تعيرها ثيابا من ثياب زوجها المسافر فوافقت الجارة التي اسعدها ان تحضر الحفل. حينما وقف المعلم صالح امام حضرة القائم العثماني واهالي الضيعة بدأ بقراءة الخطاب الذي يترحم فيه على الميت ويذكر مآثره بعبارات فخيمة اعدت باجتهاد لكنه لم ينتبه الى ان "شرواله" المستعار والذي انه لابد كان لشخص اسمن منه قليلا قد انزلق عن رجليه وبدلا من ان تثير كلماته الاسى والترحم والدموع على الميت الراحل سمع الناس كلها تغرق في الضحك واوقف العمدة الحفل وراح يلاحق المعلم صالح بالتقريع والتأنيب على فعلته السوداء التي سودت وجهه وجعلت اهالي الضيعة يضحكون في حفل تأبين وحرمه من مكافأته التي وعده بها وطرده شر طردة. الا ان حفلة الضحك هذه لم تنته بنهاية الحفلة فصار الناس كلما مروا به يذكرونه بالليلة التي فلت منه شرواله ويضحكون، والامهات كلما مر بهن دعون ابناءهن ليتفرجوا على الرجل الذي فلت منه شرواله والاطفال يلاحقونه بنشيد الرجل الذي فلت منه شرواله فلم يعد صالح يقوى بعدها على الخروج من بيته بسبب وابل السخرية الذي ينهمر عليه اينما ذهب.. وقرر صالح ان يترك ضيعته. غادر صالح واهله الضيعة. وغاب عن الضيعة عشرين عاما وذات يوم وصله خطاب من الضيعة حرك كل ما تراكم في قلبه من الحنين لضيعته فقرر يومها انه لابد ان يعود. حذرته زوجته من ان يلقى ما كان يلقاه من سخرية.! لكن "صالح" اكد لها بأن الناس لابد ان نسيت حادثة "الشروال" بعد عشرين عاما. في الطريق الى القرية التي تغيرت ملامحها اخذ صالح يسأل الناس عن قرية الصفصاف فقال له رجل: انه لا يوجد ضيعة بهذا الاسم فوصفها صالح له بانها ضيعة على تل يحيط بها شجر فقال له الرجل ان هذه الضيعة التي تصفها ليست بضيعة الصفصاف لابد وانك تقصد ضيعة "ياللي فلت منه شرواله". عندما وصل صالح لضيعته لم يكتشف ان قريته قدغيرت اسمها فقط بل وان كل ركن فيها قد حمل نفس الاسم فصار هناك مقهى "ياللي فلت منه شرواله" ومقبرة "ياللي فلت منه شرواله" وبيت صديقه صار اسمه "بيت صديق ياللي فلت منه شرواله" ومر بشاب متسكع عاطل جالس بقرب بيت صالح فسأله صالح عن أطلال بيت متهدم: ما هذا؟ فقال الشاب: هذا بيت "ياللي فلت منه شرواله" وعندما جلس في مقهى "ياللي فلت منه شرواله" وجد الناس تؤرخ اعمار ابنائهم ومواليدهم بحسب سنة "ياللي فلت منه شرواله" فهذا الشباب قد ولد في سنة "ياللي فلت منه شرواله" او بعدها بسنة او قبلها بسنة صاح بهم صالح: "يا أهل الضيعة تطلعوا فيّ منيح انا صالح "ياللي فلت منو شرواله" بيكفي.! نسيتو البيدر المسروق ونسيتوا عصابة مرزوق اللي ولعوا بالاحراش ونسيتوا تحفروا البير وتعمروا بيوتكم المهدمة وما عدتم تتذكرون غير ياللي فلت منه شرواله؟!.. وهيدا الشروال" ونزع صالح "شرواله" وقذف به امام الناس لأعلى.
وانا اقول لكم: يا ايها الاخوة الاعزاء خذوا حذركم اذا ما زل بكم القدر في واحدة من هزلياته الساخرة مثل صالح فلا تخجلوا منها وتهربوا عشرين عاما بل ابقوا واسخروا معهم منها واكبروا فكثير من الناس لا يجيدون مهنة غير "العيارة" والتندر بالآخرين وتذكر الناس الذين فلت منهم "شروالهم" لانها طريقة تسمح لهم بمداراة جروح بطالتهم وضمورهم وخرابهم الداخلي فينسون ان يكبروا.