وتحقق الوعد يا غزة - وتحقق الوعد يا غزة - وتحقق الوعد يا غزة - وتحقق الوعد يا غزة - وتحقق الوعد يا غزة
السبيل
23\11\2012
1- لا بديل عن المقاومة إلا المقاومة
لماذا كنا مطمئنين في هذه الحرب وواثقين من أن الله لن يخيب غزة ولن يخذل أهل غزة؟ لماذا لم تساورنا الهواجس والشكوك بأن العدو الإرهابي المجرم سيخوض حرباً برية في غزة بل قلنا منذ اليوم الأول إن العدو الجبان لن يجرؤ على أن يدخل غزة ولا يفتح معها حرباً برية؟ لماذا انتصرت غزة هذا الشريط الضيق السهلي من الأرض، وانكسرت جيوش عتيدة عتيقة فيها الإمكانات والمقدرات والرتب والمعدات وتملك الجغرافيا والخبرات؟ ولماذا صدع عباس رؤوسنا بأنه لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات، وأن صواريخ حماس ألعاب نارية يلهو بها الأطفال، وهي صواريخ عبثية لا نتيجة لها إلا تكبيد الشعب الفلسطيني مزيداً من الخسائر والمعاناة؟ أين هو عباس اليوم مما كان يغرد وينشد ويردد؟ ماذا سيسمعنا اليوم من نشيد أو نشيج؟
لقد استشهد الجعبري وظن العدو أنه سيوجه للمقاومة لطمة على الخد الأيمن، فتدير له غزة الخد الأيسر! لقد كان استشهاد الجعبري بركة عليه وعلى عائلته وعلى بلده وعلى الأمة!
لقد كال الشباب المؤمن بربه، يا دعاة العلمنة، كال لـ»إسرائيل» صاعاً بصاع أوفى ومع الصبر والعزم تحقق التوازن الذي كان مفقوداً.
قيمة الإيمان لا تحد ولا تعد ولا تحسب ولا تحصى، يكفي أنه يعوض الخلل في التوازن الاستراتيجي وموازين القوى، ولقد شبهت مراكز البحث والدراسات في الغرب التوازن في القوى بين غزة و»إسرائيل»، كالفارق بين بطة وإف 16! وانتصرت البطة على إف..! وانتصرت العين على المخرز!
لم نتلجلج بفضل الله، لأن «إسرائيل» في موازين الإيمان أوهى وأوهن من بيت العنكبوت، وكم رددنا أن عدوك قوي بمقدار ما تتوهمه قوياً، وهو ضعيف بمقدار ما تراه ضعيفاً.
الجديد في معادلة الصراع أن حمولة باص من الشباب قرروا الموت في سبيل الله وفي مواجهة عدو الأمة الحضاري والتاريخي واستطاعت هذه المجموعة أن تغير مجرى الأحداث والسياسات في المنطقة ومجرى نهر التاريخ! وإني أزعم أن أحد مفجرات الربيع العربي عدوان «إسرائيل» على غزة وتواطؤ نظام مصر المفضوح، وقتها مع العدوان، والصمود الأسطوري البطولي للمقاومة، وخروجها منتصرة من تلك الحرب في 2009 مما فجر الثقة في نفوس الناس، ومع تراكم المظالم، اندلعت الشرارة وكان التغيير، وكان من إكرام الله لأهل غزة وإجابة دعواتهم.
إن من حاصرهم حوصر ومن سجنهم سجن ومن حاربهم حورب، ومن عاداهم خسر! إن كان من اليهود أو من العرب، ويا رب لك الحمد، ولقد خسر عدة رؤساء وزارات خاضوا الحرب على غزة، وفي هذه الحرب فإن بنيامين نتنياهو لن ينجح وبالعامي «بنيامين بنجحش!»
2- كيف رضخت «إسرائيل» للشروط؟!
منذ بدأ الرد، وطال القصف مدنهم الرئيسة التي لا تمس، والعالم كله متواطئ على ذلك، وأصبح خمسة ملايين من شعبهم المدلل تحت الأرض في الملاجئ، منذ اليوم الأول عرض نتنياهو وقف النار والتهدئة، ولو استجاب المقاومون لانتهت الحرب منذ اليوم الأول! ولو تكلم «حكماء العرب» كما تكلموا في الحرب السابقة وتباكوا على غزة كما في الحرب السابقة، ولو استمع قادة المقاومة لاستمرت معادلة الصراع المختلة إلى ما لا نهاية! ولكن الله سلم فلم يتكلم «الحكماء» ولا كان للنداء بوقف الاعتداء إصغاء، بل كانت الأذن عن هذا صماء، وأنه لا وقف للقتال إلا بشروط المقاومة، فأبت كبرياء «إسرائيل» الرضوخ منذ الأيام الأولى فقصفت قصفاً همجياً عشوائياً كالقصف السوري المجنون لمدن سوريا، وأرادت بهذا –فقط- إيقاع خسائر لترضخ المقاومة نتيجة ضغط الشعب.
وصمد الشعب الغزي المؤمن بربه والواثق من صدق قيادته ويمنها عليه، وهو قد جربها قيادة نظيفة أمينة صادقة صلبة عنيدة في الحق ميمونة النقيبة قريبة من الشعب تعيش عيشه، مكشوفة الخطوات والخطوط لا سواتر ولا مخفي عن الناس!
ومضت موجات القصف واستوعبتها غزة، وقد خبرت ألاعيب «إسرائيل» وكذبها ومناوراتها ومداوراتها وأنها تضرب ضرب اليائس، ومن راقب كلمات بيريس، ووالله لقد علمت هزيمته من صوته، ومن راقب توتر نتنياهو في مؤتمره مع أبو كمونة (بان غي مون) لعلم انهياره الداخلي مع تظاهره بالقول وادعائه المتبجح: نستطيع أن نوسع رقعة الحرب.
وقلت منذ اليوم الأول لاستدعاء الاحتياط الذي يُنيف على السبعين ألفاً إنها حرب نفسية؛ لمجرد الضغط على المقاومة، ولن يدخلوا الحرب البرية ولن يدخلوا غزة.
إن إطالة أمد الحرب الأولى كان بالتواطؤ العربي، وهذا انتهى بـ»الربيع العربي»، في الزمان الذي كانوا يسمون غزة فيه «إمارة الظلام». لماذا يسمون غزة إمارة الظلام؟ هل لأنها أنارت ليل العرب وكشفت عن عورات الخيانة والعمالة؟، وقلت في معادلة الصراع هذه إمكانات محدودة وصبر غير محدود: النتائج محمودة ونصر مشهود! وإمكانات غير محدودة وصبر محدود فنتائج الحرب على «إسرائيل» غير محمودة، بإذن الله، وقد كان.
3- صدقت الوعد يا غزة
ماذا نقول لك يا غزة الصمود والبطولة والشرف والمقاومة؟! ماذا نقول عنك وفيك؟ وأي كلمات توفيك؟ وهل اللغة كلها على عظمتها تواتي وتسعف وتوافي وتوفي وتكفي أن نقدرك وأن نثني عليك وأن نشكرك؟
يا من صمدت وصبرت وعضضت على الجرح وقاتلت مكشوفة الأرض مكشوفة الظهر في ظل حصار دولي عربي مستمر عليك، وأنت تقاتلين نيابة عن الأمة، تقاتلين ألعن وأشرس أعداء الأمة، هل الشكر يكفي يا غزة؟ هل الكلمة تساوي الشهادة المعمدة بالدم؟ والممهورة بالأشلاء وحطام المنازل؟
يجب على العرب أن يأتوك، يا من رفعت رؤوسهم، وفوداً وفوداً تأييداً ودعماً وتعزيزاً لموقفك. ومدد المعونة يجب أن يتدفق أوله عندك وآخره في كل عواصم العالم العربي.
يا وفية يا قوية يا غزة، يا عظيمة يا جديرة بالحب يا غزة! يا أم الأبطال والشهداء يا أبية يا حرة عربية: وهل غزة إلا مهرة عربية؟
لله درك يا مهد العزة، لله أنت، لله بحرك وتربك وشعبك! لله مقاوموك، لله عزماتهم، لله شهداؤهم وقادتهم وأبطالهم، صدقت الله فصدقك الوعد: «وكان حقاً علينا نصر المؤمنين»، «إن الله يدافع عن الذين آمنوا»، فسروا لنا يا أيها العلمانيون ما جرى؟
الحمد لله أن بلغنا من الأجل ما نرى به تحقق وعد الله ورؤية آيات الله تتجسد معانيها ونرى تأويلها واقعاً حياً شاخصاً ماثلاً.
أي فضل عظيم يا رب هذا؟! والله ما شكرناك عليه حق الشكر! كنا نوقن بوعدك يقيناً ذهنياً قلبياً فصرنا نرى وعدك حقاً عينياً! لقد انتقلنا ببركة غزة من علم اليقين في آيات رب العالمين إلى عين اليقين! فكيف نثني عليك يا غزة!؟
هل فهم العالم الآن تاريخ العرب منذ سبعين سنة كيف كان يسير؟ هل نقول إنّا كنّا في وهم كبير وخدعة كبيرة؟ هل نقول إن القشة التي كانت في أعيننا أو الجذع قد زال أو زالت وانقشعت الغشاوة وانكشفت الغمة والغمامة السوداء!؟
لقد دخلنا ببركة غزة وصمود غزة مرحلة من التاريخ جديدة هي التي قلت عنها في المقال السابق أول الحرب: لا تغزوكم إسرائيل بعدها.
واليوم نقول: اليوم نغزوهم ولا يغزوننا، أستطيع أن أقول إن الخطوة الأولى نحو استرجاع فلسطين قد بدأت! هل تسمعون وقع الخطى؟.
نعم أنا أسمعه، أسمعه، وسيكون النصر قريباً بإذن الله الواحد الأحد الفرد الصّمد..
ما شاء الله تبارك الله يا شيخ أحمد..
ما أجمل كلمات ذلك المقال الذي كتب بعقل وقلب هذا العالم الجليل..