في المخيم - في المخيم - في المخيم - في المخيم - في المخيم
في المخيم
بقلم: هشام ابراهيم الاخرس
في المخيم, صور النساء اللواتي يحملّن على رؤوسهن الأشياء المتنوعة ومناظر الأطفال بنصف لباس وامرأة في السبعين تبيع الأعشاب الخضراء وبجانبها قطعة (خيش) لترطيب جذوع البقدونس والنعنع والجرجير. في المخيم خربشات فلسطينية تدعو للوحده على حائط دكان أبو محمد ودخلة غير معبّدة تؤدي لمدرسة الوكاله. في المخيم, يسكن الهندي والصيني والمصري والسوري, والنّوري, من أسكنهم هناك؟ وكيف أقتحموا المخيم؟ وأين اللاجئين الأصليين؟ عفواً...... هل أنا قلت لاجئين أصليين؟ لا أقصدها ربما!! في المخيم, كرم الأونروا وعليبات سردين وأرز لا يأكله بشر, وفي المخيم تعتّق الحب وثقافة الالتصاق بالوطن. في المخيم, سوق كبير لبيع كل شيء. في المخيم, وفي كل مخيم مخفر بالبابِ ومستشفى بالظهر, وكأن المخيم قطعة من جهنم, هو مخيم, هو كرت المؤن المؤقت, هو مخيم. في المخيم, إبتسامة طالبة تلبس مريولها الأخضر وتغني لسميح شقير بصوت مسموع, وطفلة بمريولها الأخضر تغني أغاني العاشقين وترسم على اللوح خارطة فلسطين, وطفل في صف الوكالة الثاني خط على الدرج, في القدس قد نطق الحجر. في المخيم, ساتلايت يعلو الصفيح, ولجنة خدمات تبيع الخدمات, أو الخادمات لا فرق, ونادي عريق يشجعه الشباب والشيوخ والأطفال والنساء والبنات والرضّع, في المخيم رائحة فلسطين البعيدة. في المخيم, صوت جهوري لرجل كبير, قيل مرة أنه مختار, وقيل مرة أنه هزيز ذنب وقيل مرة وذات مظاهرة ضد البطيخ أنه من عشاق الكراسي السامبا والظهور, وفي المخيم فيلا أبو أسعد تاجر الخردة الكبير, وفيه حارة الضبع المقلدة وحي الاجانب والذهول. في المخيم من رحم المخيم يولد اللاجيء, لكن أين يذهب؟ كل شيء في المخيم إلا المخيم
ينام المخيم،
لا وقت للنوم، لا نوم للوقت،
تختلط الأم بالطفل واللحم بالفحم
والزيت بالموت، والصحو بالقبو
والليل بالويل فليتعب الخوف من شدة الخوف
وليتعب السيف من صدأ السيف وليتعب الوقت،
إن الحضارة تتعب من روحها المتعبة
لا أدري يا هشام .. ففمي لا يسعفني لأنطق ما بداخلي ..
هل تصدقني ان قلت لك أنك أبكيتني في الداخل قبل أن تبكي عيوني ..قد يقال أني أبالغ ..ولكنني أعشق المخيم كثيراً ..لا أدري لماذا ينتابني عندما أريد مثلاً العودة الى بيتي في الأشرفية متأخراً أحب أن أسير بين زقاق المخيم الضيّقة .. أريد أن أشتم رائحة المعاناة ..لربما تساعدني على الذكرى ... يا صديقي عندما كنت تنطق المخيم بسكانه الأصيلين كنت تقول أن هناك أبناء جلدتنا مازالوا مرابطين على حق العودة ..
ولكن أتساءل كما تساءلت :" كيف ابدلَ أهلاً بغير أهلها !!!
أين الطفل "حافي القديمين " الذي كنت أجد فيه عينيه صلابة الكون وتحدي المجرات ..
عندما أمر في زقاق المخيم وتصدمني كرة قدم لأطفال لم يجدوا مكاناً للعبها سوى " باب الدار" ...حينها أدرك من أنا !!
حين أقف على مقربة من سوق المخيم الشعبي وأرى الطفل يدفع بعربته التي أصلحها عند أبو حسن أو عند أبو وصفي مشرعاً لكي يحصل على "نقلة " بربع دينار حينها أعلم من أنا ..
حين أرى الطفل ذاك يصلي في المسجد الكبير أو في المسجد الصغير ..ويبقى مع مجموعة له لها شيخ يحفظهم ويعلمهم ..حينها أدرك من أنا !!
كل الكلمات لن تفيك حقك يا هشام ... صدقاً لن تفيك حقك يا هشام
القلم المبدع هو القلم الذي يستطيع وضع مقدمته على الجرح والقلم الحر هو القلم الذي يستطيع ان ينزل دمعتك رغما عنك والذي اذا مامنعتها ستفجر اهاتا داخلك وقد أبكاني قلم هشام الأخرس الآن وبحرقه
نعم فأنا اعشق مخيم الوحدات ومخيم البقعه وغيرها من اوطاننا الضائعه
آه يافلسطين
آه كم هو مؤلم فراقك وكم هو مخزي ان نبقى في هذه الحاله من الصمت على ذلك
كم هو مؤلم ان تحس انك بدون كرامه
وآه كم هو رائع قلمك ياهشام
دمت بحفظ الله
أيها المارون بين زقاق المخيم
فادي عليان
العرابي
شهد نابلس
جنيدي
صمت البشر
حنان عز
أيها الاصدقاء الطيبون
شكراً لمروركم الجميل وتعليقاتكم التي أشعلت في القلب قنديل يضيئ عتمة في ثنايا القلب ويقول للمخيم أسعد بهم من فلسطينيون سيخترقون عباب المستحيل
كونو بخير يا اعز الاصدقاء