قال جان بول سارتر " محكوم على الإنسان أن يكون حرا، لأنه ما إن يُلقَى به في هذا العالم حتى يكون مسؤولا عن كل ما يفعله." عظيم يا سارتر، وفذ وعبقري، حين نكون في في علم الغيب فنحن أحرار، وما أن تطأ أقدامنا هذه الدنيا فنحن نحمل مسؤوليات لن نستطيع أن نتجنبها.
بالمهاترة :
- جيدُ أن نرمي أحمال تفكيرنا على غيرنا، فلعله هذا الغير يفتح عينيه يوماً ليجد غيرك !! لأن كل شيء يحصل لي كما قال سارتر يحصل خلالي أنا، إذاً !! ليكن غيرنا ليس مرهون بنا فهذا الغير أصلاً ليس حر لأننا نستطيع أن نحمله عبأ تفكيرنا بالخداع.
- الحرية مجرد وهمٌ تقدمه الحضارة الإنسانية، لعل مثال الخمس تفاحات هو الأنجع، لأننا بالنهاية !! لسنا نفعل شيء غير أن نستمع لخيارات مطروحة ثم نمارس الوهم بأننا قد اخترنا.
- دائما ما يثار داخلي ذلك السؤال.. هل أنا و هؤلاء الذين يقدمون لي الخيارات نعيش على نفس الأرض!! أعتقد أن هناك خلل ما.. فربما يقذفني التفكير والخلال كي أمارس الإيمان بشيء غيبي ما... وهم يكررون كلامي عن ذات الإيمان، لكنهم هم يعيشون بعيداً؛ المسألة أصلاً تتعلق بي وبهم، وبيني وبينهم الكثير من الانطباعات.
- حقيقة لست أستطيع أن أدلك على شيء لكن ما أستطيع أن أجزم به أن الدائرة هي الالتفاف 360 درجة للعودة إلى نفس النقطة، إلا إذا كان هناك وجهة نظر أخرى.
التعارض والتكامل في بناء الوعي، أو ما يسمى بالوعي والوعي الغاصب، ويعني هذا في فلسفة غامباتستا فيكو أن وعي الفرد بذاته يتحقق من خلال التعارض والتكامل معاً بشرح أكثر إسهاباً فالوعي أصلاً يأتي من خلال آخرين ومن خلال الذات وبذلك نعود لسارتر حين قلنا سلفاً كل شيء يحصل لي يحصل خلالي أنا.
مهاترة أخرى:
عندما نجد لأنفسنا تخريجة بالقول أن وعينا غير جاهز، فنحن ننكر أن وعينا مغتصب لآخرين، لذا لست أستبيح ما لديك من وعي بقدر ما أنا قادرة على اغتصاب وعيك إن أنا ملكت الأدوات المناسبة، قد تنكر ذلك مراراً لكني أعدك بأنك سوف تنساق لما أمليه عليك بطريقة أو بأخرى، وبذلك أنهي لك مفهوم الحرية بشكل أو بآخر.
ظاهراتياً نشكل قطبين في مفهوم الاختلاف، لكن عملياً نشكل حالة إملاء من طرف على آخر، ذلك لا يعني أنك لن تؤثر بي، ولن تغتصب شكلاً أو آخراً من وعيي الذاتي، بالمسألة كالشعر في أصلها، وقد تستغرب أن الشعر يختصر مسائل فلسفية عميقة، فليس هناك من شيء لم يقله الشعراء، لذا لن آتي بجديد في الشعر ولن تأتي أنت بجديد، قد نأتي بلغة واضحة البصمات، لكننا سننساق للتناص في قمة وعينا حين ندعي أننا نفعل ذلك بلا وعي...
يطيب لي أن أقول لك في نهاية الأمر وليس بدايته حيث أن نهايته تخلق بدايات كثيرة، أن الواقعية تفرض علينا أن نعترف بأننا أشباه آلات في وعينا المقدم، بينما الوعي الفطري وهو مسألة لن نستطيع أن نجازف بذكرها فهي كحريتنا تبقى مصونة طالما كنا بعلم الغيب، ولسنا بحاضر المسؤولية.
أجزم لك أن الوعي لن يتحقق بغير العمد، فهو مقصود في كل حالاته، لذا إن قلت لي أنك ماركسي أو ديني، مادي أو مثالي، فوعيك مقصود بداعي اغتصاب وعيك...
و إن كان اللاوعي هو من يفرض حضوره علي ؟؟ حيث أن الوعي في عالمنا ينتقص من مخرجات الأفكار بأن يجعلها أسيرة واقع لا نملك فيه حرية الإختيار بين أن نعلنها أو أن نجعلها في لاوعي منا خيال ... و سارتر مع القهوة و سيجارة و عناد يجعل عصبيتي تزداد
لا تلتفت إلى الوراء، الأحياء وحدهم من يمثلون الدور الأهم في الأمم، فإن أنت كنت فحياتك ممكنة، لن تتوقف حتى تجد بادرة من حقيقة، بالأصل تملك اثبات قدرتك على تلمس ما بقي من طريق لبحث ذاتك، يبقى عليك أن تبحث بتفحص وجهد مضني قليلاً عن حريتك المسلوبة، ووعيك بذاتك.
يقول جرامشي في مذكرات السجن " إن نقطة الانطلاق عند الشروع في نقد تفصيلي تتمثل في الوعي بالذات وفي معرفة النفس بصفتها نتيجة لعملية تاريخية جارية حتى اللحظة، وهي العملية التي أودعت في النفس آثاراً لا يحصى عددها دون أن تصحبها قائمة جرد لها " فإن كان الأمر ضرورة لا بد منها، فهل نستطيع أن ندعي أننا نكشف الوعي مجرداً عن غيره؟ جملة جرامشي الأخيرة تثير التباساً لدي، فهل الأمر يأخذ بعداً شخصياً أم أنه يتعدى للأحياء والأموات في الأمم؟ كطفل ولد حديثاً فسقط في قدرٍ من ماء يغلي سهواً فعاش بعدها بحرقة التشوه المقصود قدراً !! بئساً لذلك إن لم يكن هناك حل.
وتر خارجي :
هكذا تكون النهاية حرب بطريقة أو بأخرى حتى تنسف الإمامة فتقول أنثى لرجل :