شبهات حول فكر سيد قطب رحمه الله (3) - شبهات حول فكر سيد قطب رحمه الله (3) - شبهات حول فكر سيد قطب رحمه الله (3) - شبهات حول فكر سيد قطب رحمه الله (3) - شبهات حول فكر سيد قطب رحمه الله (3)
شبهات حول فكر سيد قطب رحمه الله (3)
د. محمد ابو صعيليك
4- أنه مخالف لمنهج السلف:
يتهم بعض الدارسين سيد قطب رحمه الله تعالى بمخالفته منهج السلف في فكره، وفي التعبير عن هذه الشبهة يحدثنا الشيخ سليم الهلالي فيقول: وسيد قطب تبنى رأي الخلف في آيات الصفات عموماً، وفي آيات الاستواء خصوصاً.
وفي الرد على هذه الشبهة التي أدعيت على الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى نورد ما يلي:
لا بد من بيان قواعد المنهج السلفي بين يدي هذا الرد على هذه الشبهة فنقول: إن قواعد المنهج السلفي هي:
أ- يقدم الشرع على العقل.
ب- رفض التأويل الكلامي.
ج- الاستدلال بالآيات القرآنية.
د- هناك نصوص للأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى تدلل على سلفيته في الاعتقاد وفق قواعد المنهج السفي المشار اليه سابقاً، ومن هذه النصوص ما يلي:
- يقول الأستاذ سيد رحمه الله: ليست هناك إذن مقررات سابقة نحاكم إليها كتاب الله تعالى، إنما نحن نستمد مقرراتنا من هذا الكتاب ابتداء، ونقيم على هذا الكتاب تصوراتنا وقدراتنا، وهذا وحده المنهج الصحيح في مواجهة القرآن الكريم، وفي استلهامه حقائق التصور الإسلامي ومقوماته.
- ويقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى: إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره، وفي التصور الإسلامي وتكوينه، أن ينقض الإنسان من ذهنه كل تصور سابق، وأن يواجه القرآن بغير مقررات تصورية أو عقلية أو شعورية سابقة، وأن يبني مقرراته كلها حسبما يصور القرآن والحديث حقائق هذا الوجود، ومن ثم لا يحاكم القرآن والحديث لغير القرآن ولا ينفي شيئاً يثبته القرآن ولا يؤوله، ولا يثبت شيئاً ينفيه القرآن أو يبطله، وما عدا المثبت والمنفي في القرآن، فله أن يقول فيه ما يهديه إليه عقله وتجربته، نقول هذا بطبيعة الحال للمؤمنين بالقرآن، وهم مع ذلك يؤولون نصوصه هذه لتوائم مقررات سابقة في عقولهم، وتصورات سابقة في أذهانهم لما ينبغي أن تكون عليه حقائق الوجود.
- ورغم كون سيد قطب سلفي العقيدة، إلا أنه قد وقع في موافقة مخالفيهم في تفسير بعض الآيات، وذلك كتفسيره الاستواء بالاستعلاء. وقد وافقه بعض السلف على هذا فيذكر الإمام الدامغاني أن من معاني الاستواء الاستعلاء والسيطرة، كما يذكر الطبري رحمه الله تعالى أن من معاني الاستواء: العلو والارتفاع. وعليه فهو في هذه موافق من علماء سابقين، ونشهد له اللغة العربية، على أن له رأيين في مسألة الاستواء رأيه الذي ذكرنا، ورأياً أقر بمثل رأي السلف: وهو رأيه الأخير الذي يجب أن يعتمد، ويعزى إليه دون غيره من الأقول.
- وكون سيد قطب رحمه الله قد وردت منه آراء جزئية تخالف السلف، فإن هذا لا يخرجه عن منهج السلف، وقد نص العلماء على هذا، فمن أقوالهم في هذا الباب ما يلي:
1- يقول الدكتور عمر الأشقر حفظه الله: علينا أن نفرق بين رجلين من الناس: الذين بنوا عقيدتهم على تخريف ودجل، وبين الناس الذين صفت عقيدتهم، وبين الناس الذين ساروا مع الخط الثاني الذين صفت عقيدتهم - ولكن كانت لديهم نقاط غامضة، لكن منهجهم العام منهج سليم، لا يجوز لنا أن نخرج عالماً من العلماء من خط الذين صفت عقيدتهم لخطأ من الأخطاء، وإلا لن نبقي عالماً من علماء الإسلام، فمثلاً أبو حنيفة لا ينكر أحد أنه من أهل السنة والجماعة، فلا يأتي أحد ليخرجه من أهل السنة، لخطئه في مسألة الإرجاء، ونحن لا نوافق أبا حنيفة في هذه النقطة التي خالف فيها المنهج السلفي، ولكن مع ذلك يبقى أبو حنيفة مع السلف الصالح، كذلك بالنسبة للأستاذ سيد، إذا كانت لديه نقاط غامضة، يجب علينا أن ننظر إليه بنفس الأسلوب مع ملاحظة أن الأصول عنده واضحة تماماً.
2- ويقول الدكتور الخالدي: ويظهر لنا أن سيد قطب كان صاحب منهج سلفي في أخذ العقيدة، وإن أخطأ في بعض الجزئيات والأمور الفرعية فلا ينافي سلفية المنهج عنده، وقد أخذنا عليه موقفه من خبر الآحاد، وعدم تحديده الدقيق، في الحديث عن وحدة الوجود، وتأويله للاستواء في الطبعة الأولى، ولكن هذا لا يعني اتهامه في عقيدته، أو الشك في سلفيته كما قلنا.
- ومع هذا فقد نص بعض الدارسين على سلفية الأستاذ قطب، رحمه الله تعالى، وإليك عباراتهم كما يلي:
1- يقول الأستاذ إبراهيم البليهي: أما أوجه التشابه بين سيد قطب وشيخ الإسلام ابن تيمية، فمنها أن كلاً منهما قد جند نفسه لتنقية العقيدة الإسلامية، ودعوة المسلمين إلى دينهم الصحيح بعيداً عن شتى الانحرافات.
2- ويقول الأستاذ الكشميري: إن موقف سيد في تعرضه للمتشابهات من آيات كتاب الله هو عدم الخوض في المباحث الكلامية الفلسفية والعقلانية فيها، أنه يتركها كما يتركها النص القرآني، وما يتبعها ابتغاء تأويلها، وذلك خلاف دأب كثير من المفسرين وغيرهم تحت تأثير الأمم الأخرى، ويعتقد أن ظاهر النص في مثل هذه المواضع يكفى للمؤمن السليم الطبع وإيجابي الفهم والعمل.
3- ويقول الدكتور راجح الكردي: ويؤكد المفكرون من تلاميذ الأستاذ البنا هذا المنهج السلفي الدعوى، فالأستاذ سيد قطب رحمه الله يتضح اتجاهه في تعميق الايمان بالله من خلال تفسيره في ظلال القرآن، من خلال معاني أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، وآثار ذلك إحياء الروح الدعوية، ويبرز جانباً من معاني التوحيد ويركز عليه، وهو التركيز على معنى لا إله إلا الله، بتوحيد الألوهية، وأخص خصائصها الحاكمية، إذ أن هذه الحركة المعاصرة تواجه مجتمعات مسلمة، تنازع نظمها في قضية أن يكون الحكم بما أنزل الله منهج الحياة وأساس النظم هذا بالإضافة لتقرير المعاني الأخرى لكلمة التوحيد.