منذ أربعين عاماً والتلفزيون الأردني يمشي على ذات العجلات وذات الجنطات وذات الهيكل على مبدأ (ما دامه داحل خلّيه)..ومنذ اربعين عاماً أيضاَ والسياسة المتّبعة لمعالجة مشاكل التلفزيون هي هي، فكلّما ظهر "صوت" طقّة في المركبة استبدل الشوفير، وبالتالي مع كل إدارة جديدة يغلظ صوت"الطقّة" وتختلف نغمتها..
منذ أسبوع ونحن نقرأ بيانات ومؤتمرات صحفية ومواقف متباينة من نقابة الفنانين ورابطة الكتاب الأردنيين وشركات الإنتاج الخاص من جهة، ومن إدارة التلفزيون من جهة أخرى تحدّثت عن عدم عدالة خريطة البرامج الرمضانية من إقصاء للأعمال الدرامية الأردنية.
***
أنا كمشاهد أردني،لا أكترث بكل المبررّات التي ساقتها إدارة التلفزيون ولا أكترث كذلك بما قالته شركات الإنتاج أو نقابة الفنانين..أنا كمشاهد ،من حقي على "شاشتي الوطنية" أن أحظى بأعمال جيدة وجذّابة ، ومن حقّي أيضاَ أن أشاهد عملاً أردنياً مهمّا يحاكي همّي وتاريخي وتراثي ، قبل أن أشاهد مسلسلاً عربياً "معلوكاً" ألف مرة ولا يمثّلني ولا يعبر عن بيئتي ..من حقي كأردني أن أشاهد عملاً فنياً يتحدّث عن شخصية وطنية مثل "عودة أبو تايه" على شاشتي لا على القناة الليبية مثلاً..لأنه الأولى أن يعرف أولادنا من هو "عودة أبو تايه" ؟ قبل أن يعرفه أولاد الآخرين..
وفي نفس الوقت نحن ضد أي عمل محلّي إذا كان دون المستوى ويسيء الى سمعة تاريخنا الدرامي أو لا يرتقي الى ذوق المشاهد..
***
نحن لا نتبنى وجهة نظر أحد ، لكن لفت انتباهنا كمتابعين ، تصريح إدارة التلفزيون في مؤتمرها الصحفي قبل يومين عندما قالت :انها (تتعامل مع المعروض من أعمال بما يتناسب مع رسالتنا الوطنية )، جميل!! ترى هل مسلسل(أسمهان) يتناسب مع رسالتنا الوطنية؟!...لماذا نتغطّى دائماً بالمثل العليا لنبرر أخطائنا ،و نهرول لإنجاح غيرنا على حساب أنفسنا..لماذا نسعى دائماً (لإرضاع أبناء الجارة) قبل أبنائنا..
لسنا ضد الإدارة الحالية على الإطلاق فنحن نحترم جهودها واجتهاداتها ومحاولاتها في التغيير، وللإنصاف فإن معظم الإدارات السابقة لم تنجح كذلك في قيادة أكبر مؤسسة إعلامية وطنية كما يجب..لذا فإن هذه الإدارة هي مجرد حلقة في سلسلة طويلة من (.....).
نعود للتشبيه "الميكانيكي" الذي سقناه في بداية المقال ، باختصار التلفزيون الأردني بحاجة إلى "أفرهول" وصيانة شاملة بدءاً من تغيير شكل الشاشة، و فك (عجلات) البرامج،وعمل (ميزان ستيرنج) لنشرات الأخبار ، وتغيير (بواجي) الترهل، واستبدال (بريكات) القرارات + (جنطات) التفكير، وتغيير "كسكيت" الإعلام القديم و(هيكلة) الكادر ، وتفقد (زيت) الحرية المحروق، وتبديل"فلاتر" الرقابة ، و قياس"روديتر" المشاهدة عند الناس..بين الفترة والأخرى..واخيراً تنجيد كراسي الإداريين الكبار..قبل البحث عن شوفير ماهر يتسلم المفاتيح..
**
اذا اردنا أن "يمشّينا" تلفزيوننا الوطني عقداً زمنياً آخر دون ان يفقدنا أو نفقده ، فهو بحاجة الى عملية "نَفُضْ" كامل، كي لا يقطعنا في "اوتوستراد" الفضائيات..
لا اتوقع ذلك الكرك مدينة متطورة وعصرية واسألني انا عنها الي ذكريات جميلة فيها بالثنية ومؤتة واسكان المهندسين والمرج ومنطقة زحوم الي الملعب حسب علمي موجود فيها النت واصل فيها وبقوة بس التلفزيون الاردني صار زي الجمل بعرج من شفتو اشي بقرف والله قال حقوق بث حصرية بدوري المحترفين
بدءاً من استئجار أرخص حزم البث.. لتلفزيون أجزم بانه ربما يكون من "الأغنى" مالياً في المنطقة.. مما يجعل الصورة تبدو أقرب للبث الأرضي منها للديجيتال.. وقناة وليدة مثل رؤيا تبدو صورتها نقية ومتطورة.. ناهيك عن سوء اختيار كثير من الكوادر (كيلا أقول جميعها وأظلم البعض من ذوي الكفاءة الحقيقية الذين لا زالوا بين جنبات المؤسسة العريقة).. أتمنى أن يستيقظ التلفزيون الأردني.. فيتوجه بقناته الرئيسية لدعم الفن المحلي (الحقيقي وليس الميت إكلينيكيا).. ويتوجه بقناته الرياضية ليبث بصورة أفضل.. ويسمح لقنوات أخرى (محلية على الأقل مثل رؤيا) بتقاسم بث المباريات بمبالغ معقولة..