فضل سورة الإخلاص - فضل سورة الإخلاص - فضل سورة الإخلاص - فضل سورة الإخلاص - فضل سورة الإخلاص
حديثنا لهذا اليوم عن سورة عظيمة جمعت فضائل عظيمة وحسنات جليلة من قرأها كان كمن قرأ القرآن، جمعت هذه السورة العظيمة أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، وقد وردت أحاديث عدة في فضلها، وفضل قراءتها في الصلاة وخارجها، وفي أدبار الصلوات، وفي الصباح والمساء، وعند النوم والقيام منه، وللاستشفاء بها، وفي أنها تعدل ثلث القرآن إلى غير ذلك إنها سورة التوحيد والإخلاص.
ومما يدل على فضل هذه السورة كثرة أسمائها وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، وهي نحو عشرين اسما، تصب كلها في فلك التوحيد ومعرفة حق الله على العبيد، والرد على عبَّاد الأصنام والأوثان والقائلين بالثنَوية والتثليث وجميع الأديان الباطلة.
وأشهر أسمائها: «الإخلاص»، وسمِّيت بذلك؛ لأنَّ في قراءتها خلاصا من عذاب الله، أو لأنَّ فيها إخلاصا لله من كل عيب ومن كل شريك، أو لأنَّها خالصة لله ليس فيها أمر ولا نهي، وقيل: سميت بالإخلاص لأنَّها أخلصت التوحيد لله، أو لأنَّ قارئها وتاليها قد أخلص دينه لله.
ومن أسمائها: «قل هو الله أحد»، وقد بوب البخاري في «الصحيح» باب فضل «قل هو الله أحد»؛ ومن أسمائها: التوحيد، والأساس؛ لأن التوحيد أصل لسائر أصول الدين، ومن أسمائها: التَّفريد والتَّجريد والنَّجاة والولاية والمعرفة - لأنَّ معرفة الله إنما تتمُّ بمعرفة ما فيها - والنِّسبة والصَّمد والمعوِّذة والمانعة والمذكِّرة والنُّور والإيمان والمُقَشْقِشة والمعولة والبراءة.
سبب نزول هذه السورة:
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: «إن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «أن أعرابيًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ إلى آخرها».
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «جاءت اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب، فقالوا: يا محمد صف لنا ربك، الذي بعثك، فأنزل الله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ ﴾ فيخرج منه شيء ﴿ وَلَمْ يُولَدْ ﴾ فيخرج من شيء».
ومحصل هذه الروايات بمجموعها أن المشركين من أهل مكة ومن أهل الكتاب سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينسب ويصف لهم ربه فأنزل الله هذه السور.
ومن فضائلها:
ومنها: أنَّها صفةُ الرحمنِ، ففي صحيح البخاريِ ومسلم من حديثِ عائشةَ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعثَ رجُلاً على سرية فكان يقرأُ لأصحابهِ في صَلاتِهِم فيَختمُ بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فلمَّا رجَعوا ذكَّرَوا ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "سلُوهُ: لأيِّ شيء يصنعُ ذلك؟ "، فسألُوهُ، فقال: لأنَّها صِفَةُ الرَّحمنِ، وأنا أُحبُّ أن أَقرأَ بِهَا، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أخبروهُ أن اللَّه يُحبُّهُ ".
ومنهَا: أَنَّ حُبَّها يُوجبُ محبةَ اللَّهِ، لهذا الحديث المذكورِ آنفًا، ومنهُ قولُ ابنِ مسعودٍ: "مَنْ كانَ يحبُّ القرآنَ فهُوَ يحبُ اللَّهَ " َ.
ومنها: أن حُبَّها يُوجبُ دُخولَ الجنَّةِ.
وقالَ: عبيدُ اللهِ عنْ ثابتٍ عن أنسٍ قالَ: كانَ رجُلٌ مِنَ الأنصارِ يؤُمُّهم في مسجدِ قُباءَ، وكانَ كلَّما افتتحَ سورةً يقرأُ بِهَا لهمْ في الصلاةِ ممَّا يقرأُ به، افتتح بـ (قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) حتى يفرغُ مِنْها، ثُمَّ يقرأُ سُورةً أُخرَى مَعَهَا، وكانَ يصنعُ ذلكَ في كلِّ ركعةٍ، وذكرَ الحديثَ، وفيه: فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - "يا فلانُ، ما حملكَ على لزوم هذهِ السورةِ في كلِّ ركعةٍ؟ " فقال: إني أُحِبُّها، فقالَ: "حُبُّكَ إياهَا أدخلكَ الجنَّةَ".
ومنْهَا: أنَّها تعْدِلُ ثلثَ القرآنِ ففي "صحيح البخاريِّ" منْ حديثِ أبي سعيدٍ أنَّ رجلاً سعَ رجُلاً يقرأُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يُردِّدُها، فلمَّا أصبحَ جاءَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فذكرَ ذلكَ لهُ - وكانّ الرجلَ يتقالُّها - فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:"والذي نفسِي بيده إنَّها لتعدلُ ثُلُثَ القرآنِ ".
عنْ أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:"احشُدُوا، فإنَي سأقْرَأُ عليكُم ثُلُثَ القُرآنِ "، فحشدَ من حشدَ، ثُمَّ خرجَ نبي اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَا: (قُل هُوَ اللَّه أَحَدٌ)، ثُمَّ دخلَ فقالَ بعضُنَا لِبعضٍ: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:"فإني ساقْرأُ عليكُم ثُلُثَ القرآنِ "، إنِّي لأرى هذا خبرًا جاءَهُ من السماء، ثُمَّ خرجَ نبي اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إني قُلتُ: سأقَرا عليكُم ثُلُثَ القُراَنِ، ألا إنها تعدلُ ثُلُث القُراَنِ ". أخرجَهُ مسلم.
وفي «صحيح مسلم» من طريق قتادة عن سالم ابن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن، قالوا: نعم. قال: إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فقل هو الله أحد ثلث القرآن».
ومِنْها: أنَّ قراءَتَها تكفِي مِنَ الشرِّ، وتمنعهُ، وقدْ ثبتَ في "صحيح البخاريِّ " عنْ عائشةَ: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذَا أوَى إلى فِراشِهِ قرأَها مع المعوذتينِ ومَسَحَ ما استطاعَ مِنَ جسدِهِ ".
وفي مسند الامام أحمد عنْ أبي أمامةَ، عنْ عقبةَ بنِ عامر قالَ: قالَ لي رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أَعلمُكَ خيرَ ثلاثِ سورٍ أنزِلَتْ في التوراةِ والإنجيلِ والزَّبور والقُراَنِ العَظيم؟ "..
وفي «المسند» عن محجن بن الأدرع أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد وهو يقول: اللهم إني أسألك بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: «قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له».
ومن فضائلها إنَّها تضمنت الرد على اليهود والنصارى والمشركين وهي حجة الله على خلقه، حتى قال السيوطي في «الإكليل»: «فيها الرد على اليهود والنصارى والمجوس والمشركين والمجسمة والمشبهة والحلولية والاتحادية وجميع الأديان الباطلة»، ويدل على هذا ما رواه البخاري في «صحيحه» عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربِّه: «كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّل الخَلْقِ بِأَهْوَن عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللُه وَلَدًا وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ».